كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 6)

فقرأ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيمِ فلما قرأ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ: كفى بالله هاديا ونصيرا، ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيمِ.
الْمَدَائِنِي، قَالَ: قَالَ المختار: من جاءنا من عَبْد فَهُوَ حر، فبلغ ذَلِكَ ابْن الزُّبَيْر فَقَالَ: قَدْ كَانَ يَقُول إني لأعرف كلمة لو قلتها كثر تبعي، وَهِيَ هذه، ليكثرن تبعه.
قَالَ أَبُو الْحَسَن الْمَدَائِنِي: أتى عباد بْن زِيَاد دومة الجندل بَعْد مرج راهط طالبا للعزلة وهاربًا من الْفِتْنَة، فوجه المختار إِلَيْهِ شُرَحْبِيل بْن ورس الهمداني فِي أربعة آلاف، فأرسل إِلَيْهِ عباد إني إِنَّمَا هربت إِلَى دومة الجندل بديني واعتزلت الْفِتْنَة، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: هُوَ رأس الْفِتْنَة وأولها وآخرها فلا يبرح حَتَّى يسفك دمه، فعزم ابْن ورس عَلَى قتاله، فقال عبّاد لأصحابه، وهم سبعمائة من عبيده ومواليه وأتباعه: اخرجوا بنا إِلَى هَؤُلاءِ الْقَوْم فَإِنَّهُ لَمْ يحصر قوم قط إلا وهنوا وذلوا فقاتلهم، فقتل من أَصْحَاب ابْن ورس أَكْثَر من ألف وَلَمْ يقتل من أَصْحَاب عباد إلا الْوَلِيد بْن قَيْس مولى عُبَيْد اللَّهِ بْن زِيَاد، وانهزم ابْن ورس فوثب الأعاريب عَلَيْهِ فانتهبوه وقتلوا جَمَاعَة من أَصْحَابه، فصار فيمن بقي مَعَهُ إِلَى بلاد طيّئ، فجمع لَهُ معدان الطائي، وَهُوَ معدان بْن سلمة بْن حنظلة، فقاتله ابْن ورس وَهُوَ يَقُول:
أنا ابْن ورس فارس غَيْر وكل ... أروع مقدام إِذَا النكس نكل
وأعتلي راس الطرماح البطل ... بالسَيْف يَوْم الروع حَتَّى ينجدل
وجعل معدان يَقُول:
إيه بَنِي معن ذوي العديد ... فجردوا البيض من الحديد
ولا تعيدوهن فِي الغمود ... وانتزعوا سرادق العبيد

الصفحة 448