كتاب المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي (اسم الجزء: 6)

قلت: فيه أمور، الأول: أن الحافظ الهيثمى لم يقل ما نقله عنه الشارح في حديث عقبة بن عامر ولا ذكره أصلا، وإنما قال ذلك في حديث عمرو بن عبسة ولفظه: وعن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة قال [3/ 5]: قلت له: "حدثنا حديثًا سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس فيه انتقاص ولا وهم، قال: سمعته يقول: "من ولد له ثلاثة أولاد في الإِسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله اللَّه الجنة برحمته إياهم، ومن انفق زوجين في سبيل اللَّه، فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله اللَّه من أيِّ باب شاء منها الجنة" رواه أحمد والطبرانى في الكبير باختصار النفقة، إلا أنه قال: "من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على اللَّه عز وجل، وجبت له الجنة" رواه أحمد والطبرانى في الكبير، ورجال الطبرانى ثقات اهـ.
هكذا في الأصل المطبوع من مجمع الزوائد، والظاهر أنه وقع فيه سقط بين قوله باختصار النفقة وبين حديث "من أثكل" وكأنه صحابى الحديث الذي هو عقبة، واللَّه أعلم.
الثانى: قوله: وقال المنذرى بعد ما عزاه لأحمد والطبرانى باللفظ المذكور من الوجه المزبور، كلام فارغ لا معنى له ولا وجه لذكره، إلا أن لسانه تعود لفظ المزبور وكأنه يلتذ به، فيذكره لمناسبة وغير مناسبة كهذا الموضع، فإن الوجه في عرف أهل الحديث هو الإسناد، ولم يجر ذكر لإسناد الحديث لا عند المصنف ولا عند المنذرى اللهم إلا أن يكون أراد به صحابى الحديث ليفرق بينه وبين ما دلسه على كلام الحافظ الهيثمى، لأنه استشعر من نفسه أنه خان في النقل عنه ودلس، ولم يصرح بأنه تكلم على حديث آخر، وهو حديث عمرو بن عبسة، فاستدرك ذلك بهذه الإشارة الخفية.

الصفحة 56