كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 6)

وسواء حصل وصف الخاشعين برياضة فيها مشقة، أو برياضةٍ لا مشقة فيها أو موهبة من الله تعالى من غير رياضةٍ، لأن الثواب الحاصل على صلاة الخاشع غير الثواب الحاصل على الرياضة. وقد أثنى الله على يحيى بن زكريا بكونه سيداً وحصوراً، وذلك منصوصٌ في كتاب الله تعالى من أن عفة الحَصُور عن النساء موهبة من الله تعالى.
وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " كُلُّ بني آدم يلقى الله يوم القيامة بذنب، يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلاَّ يحيى بن زكريا، فإنه كان سيداً وحصوراً "، وأهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قذاةٍ من الأرض فأخذها، وقال: " ذكره مثل هذه القذاة " (¬1). رواه الطبراني في " الأوسط " من معاجمه من حديث حجاج بن سليمان الرُّعيني، وهو مختلفٌ فيه، ووثَّقه ابن حبان وغيره، ومَشَّاه ابن عدِيٌّ، ولكن شواهده في الثناء على يحيى بن زكريا عليهما السلام قرآنية ضرورية (¬2)، ونبوية شهيرة.
¬__________
= وأخرجه أحمد 5/ 364، وأبو داود (4785) من طريق مسعر بن كدام، عن عمرو بن مُرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن رجل -قال مسعر: أراه من خزاعة- وفي رواية أحمد: رجل من أسلم- قال: ليتني صليتُ فاسترحت، فكأنهم عابوا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " يا بلال أقم الصلاه أرحنا بها ".
(¬1) أخرجه ابن عدي في " الكامل " 2/ 651، وابن أبي حاتم في تفسيره فيما نقله عنه ابن كثير في " تفسيره " 1/ 369 من طريق أبي الأزهر حجاج بن سليمان الرعيني عن الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 8/ 209 وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه حجاج بن سليمان الرعيني وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله ثقات.
قلت: وقال ابن عدي: وإذا روى حجاج هذا عن غير ابن لهيعة، فهو مستقيم إن شاء الله.
(¬2) في (ش): ضرورة.

الصفحة 25