كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 6)
حُصين، وابن مسعود، وأُبيَّ بن كعبٍ، عن القدر، فقالوا: لو أن الله عز وجل عذَّب أهل السماء والأرض، عذَّبهم وهو غيرُ ظالم، ولو أدخلهم في رحمته، لكانت رحمته أوسع من ذنوبهم، ولكنه كلما قضى يعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، فمن عذَّبه، فهو الحق، ومن رحمه، فهو الحق، ولو كان لك مثلُ أحد ذهباً تُنفِقُهُ في سبيل الله ما قُبِلَ منك حتى تؤمن بالقدر خيره وشره. رواه الطبراني (¬1) بإسنادين، ورجال هذه الطريق ثقات.
وقد انتهى ما تيسَّر لي تعليقه من أحاديث القدر من غير استقصاء، فلقد وقفتُ بعد الفراغ منها على كلام ابن عبد البر في أحاديث القدر في " التمهيد " (¬2) فذكر فيها حديثاً مرفوعاً من حديث أبي هريرة (¬3) رضي الله عنه لم أكتبه فيما جمعته، وذكر أنه أصح حديث في الباب، فعَجِبْتُ من تتبع أحاديث هذا الباب فاتني أصحُّها وأشهرها بعد هذا الجمع الكثير، وهو الحديث الذي أوله: لا تسأل المرأة طلاق أُختها، فإنه ليس لها إلاَّ ما قُدِّر لها ".
ورواه (¬4) في القدر من حديث أبي هريرة، وأبو داود في الطلاق، والنسائي في عشرة النساء كلهم عنه.
¬__________
(¬1) في " الكبير " 18/ (556)، وإسناده حسن، وقال الهيثمي 7/ 198 - 199: رجاله ثقات.
وهو بنحوه عنده أيضاً (10564)، وفيه عمر بن عبد الله مولى غُفْرة وهو ضعيف.
(¬2) 18/ 165، ولفظه: قال أبو عمر: وهذا الحديث من أحسن أحاديث القدر عند أهل العلم والسنة، وفيه أن المرء لا يناله إلاَّ ما قُدِّر له.
وقد تقدم تخريج حديث أبي هريرة هذا في الصفحة 444 من هذا الجزء.
(¬3) في الأصل: من حديث عائشة، وهو سبق قلم من المؤلف رحمه الله.
(¬4) أي الإمام مالك، وهو في " موطئه " 2/ 900 في كتاب القدر: باب جامع ما جاء في أهل القدر، وكذلك رواه البخاري في " صحيحه " (6601) في القدر: باب وكان أمر الله قدراً مقدوراً.