كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 6)

لشهوته، وتارة لغضبه (¬1)، ولا يتوقف على حكمة حكيمٍ (¬2)، فما اعتذاره عن العمل بعدم معرفة فائدته إلاَّ من جملة جدله وعناده ومكره وفساده {وكَانَ الإنسانُ أكثَرَ شيءٍ جَدلاً} [الكهف: 54]، {ويَمكُرُون ويَمكُرُ الله والله خَيرُ الماكرين} [الأنفال: 30]، {ولا يَحِيقُ المَكرُ السَّيِّء إلاَّ بأهلِه} [فاطر: 43].
الوجه الرابع: ذكره ابن العربي الفقيه المالكي في " عارضة الأحوذي في شرح الترمذي " (¬3)، فقال ما لفظه: قلنا: لا تطلب الفوائد في أمر الله وحكمه على مقتضى أغراض البشر، وإنما فوائد أمر الله وجودها على مقتضى المشيئة، ولم يطلعنا على ما يناسب (¬4) مفهومنا في أنفسنا، لأنه ليس كمثله شيءٌ في ذاتٍ ولا صفاتٍ ولا فعلٍ.
الوجه الخامس: أشار إليه الفخر الرازي وغيره، فقال: إن الفائدة فيها تعجيل بشرى المؤمن وإنذار الكافر. قلت: لقوله عز وجل: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الكهف: 56] ونحو ذلك.
وكذلك ظهور الأمارات على المقدَّر من الخير والشر، وما يتبع تلك الأمارات (¬5) من معرفة أولياء الله تعالى وموالاتهم وإكرامهم ونصرهم في الدنيا، ومعرفة أعداء الله تعالى وعداوتهم ونصر المؤمنين عليهم (¬6)، وسائر الأحكام الشرعية المرتبة على الأعمال. قال الله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179].
¬__________
(¬1) في (ش): " لمعصيته ".
(¬2) " حكيم " ساقطة من (ش).
(¬3) 8/ 300.
(¬4) في (ف): " يناسبه ".
(¬5) من قوله: " على المقدر " إلى هنا سقط من (ف).
(¬6) قوله: " ونصر المؤمنين عليهم " سقط من (ف).

الصفحة 378