كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 6)

في القرآن يزيد على ألفِ موضع، فتارةً ترتب الحكم (¬1) الخبري الكوني، والأمر (¬2) الشرعي على الوصف المناسب له، كقوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: 166]، وقوله تعالى: {فَلمَّا آسَفُونَا انْتَقَمنا مِنهُم} [الزخرف: 55]، وقوله تعالى: {والسَّارِقُ والسَّارقَةُ فاقطَعُوا أيديَهما} [المائدة: 38]، وقوله: {إنَّ المُسلمين والمُسلِماتِ} إلى قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35] وهذا كثير جداً.
قلت: وفيه أوضح دليلٍ على بطلان قول من قال: إن أفعال الله تعالى كلها لا يجوز أن يكون شيءٌ منها معلَّلاً بالحكم والمصالح. وكذلك أكثر ما يورده الشيخ في هذا الجواب، وسيأتي ذكر ذلك مع أضعافه في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال الشيخ (¬3) وتارةً يُرتِّبه عليه بصيغة الشرط والجزاء، كقوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 29]، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]، وقوله: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] ونظائره ..
وتارةً يأتي بآلة التعليل (¬4)، كقوله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] (¬5).
وتارةً يأتي بباء السببية، كقوله: {ذلِكَ بما قَدَّمت أيدِيكم} [آل عمران:
¬__________
(¬1) في (ف): " الأمر ".
(¬2) في (أ) و (ش): والأمري.
(¬3) ص 17 - 19.
(¬4) في " الجواب الكافي ": " وتارة يأتي بأداة "كي" التي للتعليل ".
(¬5) من قوله: " وتارة يأتي بألة " إلى هنا ساقط من (ف).

الصفحة 380