كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 6)
مردَّ له؟ فاعلم أن من القضاء ردَّ البلاء بالدعاء، والدعاء سببٌ لردِّ البلاء واستجلاب الرحمة، كما أن الترس سببٌ لرد السهم، والماء سبب لخروج النبات من الأرض، فكما أن الترس يدفع السهم، فيتدافعان، وكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان، وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله عزَّ وجلَّ أن لا يُحمل السلاح، وقد قال الله عز وجل: {خُذُوا حِذْرَكُم} [النساء: 71]، وأن لا تُسقى الأرض بعد بثِّ البذر، فيقال: إن سَبَقَ القضاء بالنبات، نبت، بل ربط الأسباب بالمسببات هو القضاء الأول الذي هو كلمح البصر، وترتيب تفصيل المسبِّبات على تفصيل (¬1) الأسباب على التدريج، والتقدير هو القدر، والذي قدَّر الخير قدَّره بسببٍ، وكذلك الشر (¬2) قدر لدفعه (¬3) سبباً، فلا تناقض بين هذه الأمور عند من انفتحت بصيرته انتهى.
وقد ألم بهذا المعنى الإمام العلامة شرف الدين إسماعيل بن المقرىء الشافعي الزبيدي (¬4)، فقال وأجاد:
¬__________
(¬1) في (ف): " بتفاصيل "، وفي " الإحياء ": " على تفاصيل ".
(¬2) في " الإحياء ": " والذي قدر الشر ".
(¬3) في (أ) و (ش): " لرفعه ".
(¬4) هو إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله شرف الدين المقرىء الزبيدي، عالم البلاد اليمنية، وكان غاية في الذكاء، مهر في الفقه والعربية والأدب، وولي إمرة بعض البلاد في دولة الأشرف، له كتاب مختصر " الروضة " للنووي سماه " الروض "، و" مختصر الحاوي الصغير " سماه " الإرشاد "، وكتاب " عنوان الشرف " في الفقه، ويشتمل على أربعة فنون غيره هي: النحو والتاريخ والعروض والقوافي. توفي سنة 837 هـ.
مترجم في " طبقات الشافعية " لابن قاضي شهبة 4/ 109 - 110، و" إنباء الغمر " 8/ 309، و" الضوء اللامع " 2/ 292 - 295، و" بغية الوعاة " 1/ 444، و" شذرات الذهب " 7/ 220 - 221، و" البدر الطالع " 1/ 142.
الصفحة 383
388