كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 6)
شكره، ثم العفو عن تعجيل العقوبة بعد استحقاقها كما مرَّ في حديث " لو لم تُذنبوا " (¬1)، وذلك قبل الإملاء لهم، لِيزدادو إثماً، وقد ذكرت من ذلك سبعة أمور، أولها هذا.
وثانيها: خلقهم لعبادته بالنظر إلى أمره (¬2) ومحبته.
وثالثها: الابتلاءُ بالنظر إلى عدله وحجته.
ورابعها: ظهورُ عدله في تعذيبهم على كفر نعمه، وجحد حجته بالنظر إلى خبره وعلمه وقدره وكتابته.
وخامسها: الحكمةُ الأولةُ المرجِّحة لذلك على عفوه عنهم، التي هي تأويل المتشابه بالنظر إلى حكمته وإرادته ومشيئته، وعلى هذا مدارها.
وسادسها: ما لا يُحيط بجميعه إلاَّ هو بالنظر إلى سعة علمه ورحمته.
وسابعها: ما للمؤمنين في خلقهم من اللطف والنفع في دنياهم ودينهم وأُخراهم، وهو (¬3) يستحق من الجميع على حكمته، كما يستحق الشكر من أهل النعم على نعمته، كما تقدم مبسوطاً في موضعه.
الوجه الثاني: القطع بأن مراد الله بالشر خير، لأن الحكيم لا يريدُ الشر لنفسه، وإنما يريده لغيره، لحديث " سبقت رحمتي غضبي " (¬4)، وحديث " والشر ليس إليك " (¬5) كما تقدم تقريرُه، وكما أوضحه الغزالي في " المقصد الأسنى " (¬6) في شرح " الرحمن الرحيم ".
فكل شر أراده الله، فهو لحكمة هي خيرٌ محضٌ، وإن لم يحط بها أحد،
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه في 4/ 161.
(¬2) في (ش): مراده.
(¬3) في (ش): وهذا.
(¬4) تقدم تخريجه في 5/ 110.
(¬5) تقدم تخريجه في 5/ 131.
(¬6) ص 63.
الصفحة 6
388