فى بهم لنا (¬1) ، ولم نأخذ معنا زاداً، فقلت: يا أخى. اذهب، فائتنا بزاد من عند أمنا، فانطلق أخى، ومكثت أنا عند البهم، فأقبل طيران أشبهان (¬2) . كأنهما نسران، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم، فأقبلا يبتدرانى، فأخذانى، فبطحانى إلى القفا، فشفا بطنى، ثم استخرجا قلبى، فشفاه [فأخرجا منه] علقتين سوداوين، فقال أحدهما لصاحبه- قال يزيد فى حديثه: ائتنى بماء ثلج، فغسلا به جوفى ثم قال: ائتنى بماء برد، فغسلا به قلبى، ثم قال: ائتنى بالسكينة، فذارها فى قلبى ثم قال أحدهما لصاحبه: حصه فحاصه (¬3) ، وختم عليه بخاتم النبوة-.
وقال حيوة فى حديثه: خطه فخاطه، واختم عليه بخاتم النبوة، فقال أحدهما لصاحبه: اجعله فى كفة واجعل ألفا من أمته فى كفة فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقى أشفق أن يخر على بعضهم، فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم.
ثم انطلقا وتركانى، وفرقت فرقاً شديداً، ثم انطلقت إلى أمى، فأخبرتها بالذى لقيته، فأشفقت على أن يكون التبس (¬4) بى، فقالت: أعيذك بالله/ فرحلت بعيراً لها فجعلتنى- وقال يزيد: فحملتنى- على الرحل، وركبت خلفى حتى لحقنا إلى أمى فقالت: أوأديت امانتى
¬_________
(¬1) البهم جمع بهمة وهى ولد الضأن الذكر والأنثى، وجمع البهم بهام، وأولاد المعز سخال، فإذا اجتمعا عليهما البهم والبهام. النهاية: 1/102.
(¬2) فى المسند: «أبيضان» والشهبة البياض الذى غلب عليه السواد. اللسان: 4/3246.
(¬3) حصة: حاص الثوب يحوصه حوصاً وخياصة خاطه، وقيل: الحوص الخياطة بدون رقعة ولا يكون ذلك إلا فى جلد او خف بعير. وفى الأصل المخطوط لم يختلف قول حيوة عن سابقه، وعند السهيلى: «خط بطنه فخاط بطنى» فرجحنا أن تكون هى اللسان: 2/1050؛ النهاية: 1/271؛ الروض الأنف: 1/189.
(¬4) التبس بى: خولطت فى عقلى. النهاية: 4/46.