كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (اسم الجزء: 6)

ومعهما سارة امرأةُ إِبراهيم، وخرج معها آزَرُ أَبو إِبراهيم مخالِفاً لإِبْراهِيم فى دينه، مُقِيما على كُفْره، حتَّى وصلوا حَرَّانَ، فمات آزرُ ومضى إِبراهيم ولُوطٌ وسارة إِلى الشَّام، ثمّ مَضَوْا إِلى مِصرَ ثمّ رجعوا إِلى الشَّام، فنزل إِبراهيم فلسطين، ونزل لوطٌ الأُرْدُنَّ، فأَرسله الله تعالى إِلى أَهْلِ سَدُومَ وما بينهما، وكانوا كُفَّاراً يَأْتونَ الفَواحِشَ، ومنها إِتْيانُ الذُكْرانِ ما سَبَقَهم بها من أَحَدٍ من العالَمِين، ويَتضارَطُون فى مجالسهم، فلمّا طال تمادِيهم فى غَيّهم ولم يَنْزَجِروا دعَا عليهم لُوطٌ وقال: {رَبِّ انصرني عَلَى القوم المفسدين} فأَجاب الله دُعاءَه وبعث جبريلَ وميكائيلَ وإِسرافيل عليهم السّلام لإِهلاكهم وبِشارَة إِبْراهيم بالوَلَد، فأَقبلوا فى صورة رِجالٍ مُرْدٍ حِسانٍ، فنزلوا على إِبراهيم ضيفاناً وبَشَّروه بإِسحاق ويعقوب. ولمّا جاء آلَ لُوطٍ العذاب فى السَّحر اقتلع جبريلُ قَرَياتِ لُوطٍ الأَربع، فى كلّ قرية مائة أَلف، ورفعهنَّ على جَناحه بين السَّماءِ والأَرض حتى سمع أَهلُ الدّنيا نُباحَ كِلابِهم وصِياحَ دِيَكَتِهِنَ ثمّ قَلَبَهُنَّ فجعل عالِيَها سافِلَها وذلك قوله تعالى: {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ} . وهلكت امرأَة لوط مع الهالِكين.
قال أَبو بكر بن عَيّاش: استَغْنَتْ رِجالُهم بِرجالهم، ونِساؤهم بِنسائهم، فكان عليهم من العذاب ما كان. قال بعضهم:
طَهِّرْ فُؤادكَ واحْتَضِنْه مَحُوطَا ... لا تَمْنَحَنْه قَساوَةً وقُنوطَا
/إِنَّ الَّذِين اسْتَبْدَلوا مِنء طَيِّب ... خُبْثاً رَأَوْا فى إِثْر ذاكَ حُبُوطَا
بحِجارة مَنْظُودَة مَوْسُومَة ... اللهُ أَمْطَرَها فشَدَّ سُقُوطَا
جُعِلَتْ أَعالى دراهمْ كأَسافِلٍ ... وأَبادَ خَضْراهُم ونَجَّى لُوطَا

الصفحة 56