كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

وَفِي الْقَدْرِ الْمَوْرُوثِ، وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: جَمِيعُ مَا مَلَكَهُ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُقَسَّطُ مَا مَلَكَهُ بَحُرِّيَّتِهِ عَلَى مَالِكِ الْبَاقِي وَالْوَرَثَةِ بِقَدْرِ رِقِّهِ وَحُرِّيَّتِهِ. فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا، فَنِصْفُ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ، وَنِصْفُهُ لِمَالِكِ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ حَلَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَالْبَدَنُ مُنْقَسِمٌ إِلَى رِقٍّ وَحُرِّيَّةٍ.

الْمَانِعُ الثَّالِثُ: الْقَتْلُ، وَهُوَ ضَرْبَانِ.
أَحَدُهُمَا: مَضْمُونٌ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْحِرْمَانِ، سَوَاءٌ ضُمِنَ بِقِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ كَمَنْ رَمَى صَفَّ الْكُفَّارِ وَلَمْ يَعْلَمْ [فِيهِمْ] مُسْلِمًا، فَقَتَلَ قَرِيبَهُ الْمُسْلِمَ، تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، وَلَا دِيَةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ قَوْلًا أَنَّ الْمُخْطِئَ يَرِثُ مُطْلَقًا، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَطَأُ بِمُبَاشَرَةٍ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ مُوَرِّثَهُ، أَوْ بِالسَّبَبِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَسَقَطَ فِيهَا مُوَرِّثُهُ، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَتَعَثَّرَ بِهِ مُوَرِّثُهُ. وَسَوَاءٌ قَصَدَ بِالتَّسَبُّبِ مَصْلَحَتَهُ، كَضَرْبِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ وَالْمُعَلِّمِ لِلتَّأْدِيبِ، وَكَسَقْيِهِ الدَّوَاءَ وَبَطِّ جُرْحِهِ لِلْمُعَالَجَةِ إِذَا مَاتَ بِهِ الصَّبِيُّ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ لَا يَقْصِدُ. وَفِي بَطِّ الْجُرْحِ وَسَقْيِ الدَّوَاءِ وَجْهٌ حَكَاهُ ابْنُ اللَّبَّانِ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ. وَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» وَجْهٌ فِي مُطْلَقِ الْقَتْلِ بِالتَّسَبُّبِ: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلُ. وَسَوَاءٌ صَدَرَ الْقَتْلُ مِنْ مُكَلَّفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَجِئُ فِي الصَّبِيِّ وَجْهٌ يَتَخَرَّجُ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي الْمُخْطِئِ إِذَا قُلْنَا: عَمْدُ الصَّبِيِّ خَطَأٌ. وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمُكْرَهُ وَالْمُخْتَارُ، وَفِي الْمُكْرَهِ خِلَافٌ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: قَتْلٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَهُوَ قِسْمَانِ: مُسْتَحَقٌّ مَقْصُودٌ، وَغَيْرُهُ. وَالْأَوَّلُ نَوْعَانِ.

الصفحة 31