كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُسَوَّغُ تَرْكُهُ. فَإِذَا قَتَلَ الْإِمَامُ مُوَرِّثَهُ حَدًّا بِالرَّجْمِ، أَوْ فِي الْمُحَارَبَةِ، فَفِي مَنْعِهِ أَوْجُهٌ. الثَّالِثُ: إِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، مُنِعَ. وَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ فَلَا لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يُسَوَّغُ تَرْكُهُ، كَالْقِصَاصِ، فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى قَتْلِ الْإِمَامِ حَدًّا، وَأَوْلَى بِالْحِرْمَانِ. وَلَوْ شَهِدَ عَلَى مُوَرِّثِهِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ أَوِ الْقِصَاصَ، فَقُتِلَ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ شَهِدَ عَلَى إِحْصَانِهِ، وَشَهِدَ غَيْرُهُ بِالزِّنَا، أَوْ زَكَّى الشُّهُودَ بِالزِّنَا عَلَى مُوَرِّثِهِ، فَهُوَ كَمَا إِذَا قَتَلَهُ قِصَاصًا.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ مَقْصُودٌ، كَقَتْلِ الصَّائِلِ وَالْبَاغِي، فَفِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْقِصَاصِ، وَأَوْلَى بِالْحِرْمَانِ، وَالْبَاغِي أَوْلَى بِالْحِرْمَانِ مِنَ الْعَادِلِ. وَالْمَذْهَبُ وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا: مَنْعُ الْإِرْثِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَكِنَّ الْقِيَاسَ وَالِاخْتِيَارَ: أَنَّ مَا لَا ضَمَانَ فِيهِ لَا يُمْنَعُ.
فَرْعٌ
قَدْ يَرِثُ الْمَقْتُولُ مِنْ قَاتِلِهِ، بِأَنْ جَرَحَ مُوَرِّثَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْمَجْرُوحِ.

الْمَانِعُ الرَّابِعُ: اسْتِبْهَامُ وَقْتِ الْمَوْتِ. فَإِذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ بِغَرَقٍ، أَوْ حَرِيقٍ، أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ، أَوْ فِي بِلَادِ غُرْبَةٍ، أَوْ وَجَدَا قَتِيلَيْنِ فِي مَعْرَكَةٍ، فَلَهُ خَمْسُ صُوَرٍ: إِحْدَاهَا: أَنْ نَعْلَمَ سَبْقَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، وَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ نَعْلَمَ التَّلَاحُقَ وَلَا نَعْلَمَ السَّابِقَ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ نَعْلَمَ وُقُوعَ الْمَوْتَتَيْنِ مَعًا.

الصفحة 32