كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ نُظِرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ يَطَؤُهَا، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْهُ قَطْعًا. وَإِنْ كَانَ زَوْجٌ يَطَؤُهَا، فَإِنِ انْفَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ، فَقَدْ عُلِمَ وُجُودُهُ حِينَئِذٍ. وَإِنِ انْفَصَلَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، لَمْ يَرِثْ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعُلُوقَ حَصَلَ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِوُجُودِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَإِذَا مَاتَ حُرٌّ عَنْ أَبٍ رَقِيقٍ تَحْتَهُ حُرَّةٌ حَامِلٌ، فَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ وَرِثَ الْمَوْلُودُ مِنْ أَخِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ رَقِيقٌ لَا يَحْجُبُهُ. وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَرِثْ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَّا أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى وُجُودِهِ يَوْمَئِذٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَ الْأَبُ عَنِ الْوَطْءِ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا، فَإِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، فَكَأَنْ لَا حَمْلَ، سَوَاءٌ كَانَ يَتَحَرَّكُ فِي الْبَطْنِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ تُوجِبُ الْغُرَّةَ، وَتَصْرِفُ الْغُرَّةَ إِلَى وَرَثَةِ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّ إِيجَابَ الْغُرَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ تَقْدِيرُ الْحَيَاةِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: الْغُرَّةُ إِنَّمَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الْجَانِي الْحَيَاةَ مَعَ تَهَيُّؤِ الْجَنِينِ لَهَا، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ الْغُرَّةِ بِتَقْدِيرِ الْحَيَاةِ، فَالْحَيَاةُ مُقَدَّرَةٌ فِي حَقِّ الْجَانِي فَقَطْ تَغْلِيظًا، فَتُقَدَّرُ فِي تَوْرِيثِ الْغُرَّةِ فَقَطْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْحَيَاةُ عِنْدَ تَمَامِ الِانْفِصَالِ. فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا، وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الِانْفِصَالِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ خَرَجَ مَيِّتًا فِي الْإِرْثِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ. حَتَّى لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ، وَانْفَصَلَ مَيِّتًا، فَالْوَاجِبُ الْغُرَّةُ دُونَ الدِّيَةِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ. وَعَنِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ: [أَنَّهُ] إِذَا خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا، وَرِثَ وَإِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَلَوْ مَاتَ عَقِبَ انْفِصَالِهِ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَرِثَ، وَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَتُعْلَمُ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ: بِصُرَاخِهِ، وَكَذَا بِالْبُكَاءِ، أَوِ الْعُطَاسِ، أَوِ التَّثَاؤُبِ، أَوِ امْتِصَاصِ الثَّدْيِ، لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْحَيَاةِ. وَحَكَى الْإِمَامُ اخْتِلَافَ قَوْلٍ فِي الْحَرَكَةِ وَالِاخْتِلَاجِ، ثُمَّ قَالَ:

الصفحة 37