كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ الْبَغَوِيُّ أَرْجَحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[الصُّورَةُ] الثَّالِثَةُ: مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ، فَلَا حَقَّ لَهُ. وَلَوْ مَاتَ فَرَسُهُ أَوْ سُرِقَ أَوْ عَارَ أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا، لَمْ يَسْتَحِقَّ سَهْمَ الْفَرَسِ. وَفِيمَا إِذَا عَارَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.
وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَحِيَازَةِ الْمَالِ، انْتَقَلَ حَقُّهُ إِلَى وَرَثَتِهِ. وَلَوْ مَاتَ فَرَسُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفَرَسِ. وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ، انْتَقَلَ حَقُّهُ إِلَى وَرَثَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ مَاتَ فَرَسُهُ فِي هَذَا الْحَالِ، اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفَرَسِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْقِتَالِ، سَقَطَ حَقُّهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ. وَنَصَّ فِي مَوْتِ الْفَرَسِ فِي هَذَا الْحَالِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفَرَسِ. وَلِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ. أَصَحُّهَا: تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْفَارِسَ مَتْبُوعٌ، وَالْفَرَسَ تَابِعٌ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ فِيهِمَا. وَقِيلَ: إِنْ حِيزَ الْمَالُ بِقِتَالٍ جَدِيدٍ، فَلَا اسْتِحْقَاقَ فِيهِمَا. وَإِنْ أَفْضَى ذَلِكَ الْقِتَالُ إِلَى الْحِيَازَةِ، اسْتُحِقَّ فِيهِمَا.
[الصُّورَةُ] الرَّابِعَةُ: إِذَا شَهِدَ الْوَقْعَةَ صَحِيحًا، ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا لَا يَمْنَعُ الْقِتَالَ، كَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَالصُّدَاعِ، أَوْ مَرَضًا يُرْجَى زَوَالُهُ، لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، كَالزَّمَانَةِ وَالْفَالِجِ، فَفِي بُطْلَانِ حَقِّهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا يَبْطُلُ. وَلَوْ خَرَجَ فِي الْحَرْبِ، اسْتَحَقَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. ثُمَّ الْأَكْثَرُونَ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ فِي رَجَاءِ الزَّوَالِ وَعَدَمِهِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ رَجَاءُ الزَّوَالِ قَبْلَ انْجِلَاءِ الْقِتَالِ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَرِيضُ، رُضِخَ لَهُ. وَالْمَرَضُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ وَقَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ، عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ.
[الصُّورَةُ] الْخَامِسَةُ: الْمُخَذِّلُ لِلْجَيْشِ، يُمْنَعُ الْخُرُوجَ مَعَ النَّاسِ وَحُضُورَ الصَّفِّ. فَإِنْ حَضَرَ، لَمْ يُعْطَ سَهْمًا وَلَا رَضْخًا. وَلَا يُلْحَقُ الْفَاسِقُ بِالْمُخَذِّلِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: يُلْحَقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ تَخْذِيلُهُ.

الصفحة 378