كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

وَكَذَا إِنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إِعْلَاءَ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، وَشَهِدَ الْوَقْعَةَ. وَفِي ((الرَّقْمِ)) لِلْعَبَّادِيِّ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ.

فَصْلٌ
سَبَقَ أَنِ الْغَنِيمَةَ يُبْدَأُ مِنْهَا بِالسَّلَبِ وَالْمُؤَنِ، ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي خَمْسَةَ أَقْسَامٍ، وَيُجْعَلُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ، فَيُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُفَضَّلُ بَعْضُهُمْ إِلَّا بِشَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: النُّقْصَانُ الْمُقْتَضِي لِلرَّضْخِ، تَفْرِيعًا عَلَى الْأَظْهَرِ: أَنَّهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَارِسَ يُفَضَّلُ عَلَى الرَّاجِلِ، فَيُعْطَى الْفَارِسُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمًا لَهُ، وَيُعْطَى الرَّاجِلُ سَهْمًا. وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: رَاكِبُ الْبَعِيرِ، وَالْفِيلِ، وَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، لَا يَلْحَقُ بِالْفَارِسِ، لَكِنْ يُعْطَى الرَّاكِبُ سَهْمَهُ، وَيُرْضَخُ لِهَذِهِ الدَّوَابِّ، وَيَكُونُ رَضْخُ الْفِيلِ أَكْثَرَ مِنْ رَضْخِ الْبَغْلِ، وَرَضْخُ الْبَغْلِ أَكْثَرَ مِنْ رَضْخِ الْحِمَارِ، وَلَا يَبْلُغُ رَضْخُهَا سَهْمَ فَرَسٍ، وَيُرْضَخُ لِلصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ الْفَارِسَيْنِ أَكْثَرَ مِمَّا يُرْضَخُ لَوْ كَانَا رَاجِلَيْنِ.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّانِيَةُ: سَوَاءٌ فِي الْخَيْلِ الْعَتِيقُ، وَهُوَ الَّذِي أَبَوَاهُ عَرَبِيَّانِ، وَالْبِرْذَوْنُ، وَهُوَ الَّذِي أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ، وَالْهَجِينُ، وَهُوَ الَّذِي أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ عَجَمِيَّةٌ، وَالْمُقْرِفُ، وَهُوَ الَّذِي أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَّ وَالْفَرَّ يَقَعُ مِنْهَا كُلِّهَا، وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُهَا، كَالرِّجَالِ. وَفِي قَوْلٍ شَاذٍّ: لَا يُسْهَمُ لِلْبِرْذَوْنِ، بَلْ يُرْضَخُ لَهُ.
[الْمَسْأَلَةُ] الثَّالِثَةُ: لِيَتَعَهَّدِ الْإِمَامُ الْخَيْلَ إِذَا أَرَادَ دُخُولَ دَارِ الْحَرْبِ، فَلَا يُدْخِلُ إِلَّا فَرَسًا شَدِيدًا، وَلَا يُدْخِلُ حَطْمًا، وَهُوَ الْكَسِيرُ، وَلَا قَحْمًا، وَهُوَ الْهَرِمُ، وَلَا ضَرَعًا، وَهُوَ الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ، وَلَا أَعْجَفَ رَازِحًا. وَالْأَعْجَفُ: الْمَهْزُولُ. وَالرَّازِحُ: هُوَ بَيِّنُ الْهُزَالِ.

الصفحة 383