كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

فَرْعٌ
إِذَا نَفَاهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ فَكَذَلِكَ، وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ قُسِّمَتْ. حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّهِ وَلَاءٌ، فَأَخَذَ مَوْلَاهَا مِيرَاثَهُ، كَانَ لِلْمُسْتَلْحَقِ اسْتِرْدَادُهُ، وَلَا فَرْقَ فِي اللُّحُوقِ بَيْنَ أَنْ يُخَلِّفَ الْمَيِّتُ وَلَدًا، أَمْ لَا.
الْفَصْلُ الثَّانِي: وَلَدُ الزِّنَا كَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْوَجْهَ الْمَنْقُولَ عَنِ «السِّلْسِلَةِ» ، لَا يَجِئُ هُنَا قَطْعًا. وَالثَّانِي: أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا يُلْحَقُ بِالِاسْتِلْحَاقِ. الثَّالِثُ: التَّوْأَمَانِ مِنَ الزِّنَا لَا يَتَوَارَثَانِ إِلَّا بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ قَطْعًا. وَفِي وَجْهٍ حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ وَصَاحِبُ (الْحَاوِي) : يَتَوَارَثَانِ بِأُخُوَّةِ الْأَبَوَيْنِ.
قُلْتُ: هَذَا الْوَجْهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ عَلِقَتْ بِتَوْأَمَيْنِ مِنْ وَاطِئٍ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ جُهِلَ الْوَاطِئُ تَوَارَثَا بِأُخُوَّةِ الْأَبَوَيْنِ بِلَا خِلَافٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ قَرَابَتَانِ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْ مُبَاشَرَةِ سَبَبِ اجْتِمَاعِهِمَا، كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ، وَذَلِكَ يَقَعُ فِي الْمَجُوسِ، لِاسْتِبَاحَتِهِمْ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ، وَرُبَّمَا أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا، وَقَدْ يَتَّفِقُ فِي الْمُسْلِمِينَ نَادِرًا بِغَلَطٍ وَاشْتِبَاهٍ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا تَوْرِيثَ بِالْقَرَابَتَيْنِ، بَلْ يُوَرَّثُ بِأَقْوَاهُمَا. وَفِي وَجْهٍ: يَرِثُ بِهِمَا إِنْ كَانَتَا بِحَيْثُ لَوْ كَانَتَا فِي شَخْصَيْنِ وَرِثَا مَعًا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَابْنُ اللَّبَّانِ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ، وَيُعْرَفُ الْأَقْوَى بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَمْرَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ تَحْجُبَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، كَبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، أَنْ يَطَأَ أُمَّهُ فَتَلِدَ بِنْتًا. وَالثَّانِي: أَنْ لَا تُحْجَبَ إِحْدَاهُمَا أَصْلًا، أَوْ يَكُونَ حَجْبُهَا أَقَلَّ، فَالْأَوَّلُ: كَأُمٍّ هِيَ أُخْتٌ. وَالثَّانِي: كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ، فَتَرِثُ بِالْأُمُومَةِ أَوِ الْجُدُودَةِ دُونَ الْأُخُوَّةِ، وَعَنِ ابْنِ اللَّبَّانِ [وَجْهٌ: أَنَّهَا تَرِثُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالْأُخُوَّةِ، دُونَ الْجُدُودَةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْأُخْتِ أَكْثَرُ، وَلْيُجْبَرْ هَذَا فِي

الصفحة 44