كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 6)

الْأَبِ دُونَ عَمَّاتِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ عَمَّاتِ الْأَبِ كَأَبِ الْأَبِ، وَعَمَّاتِ الْأُمِّ كَأَبِي الْأُمِّ. هَذَا تَمَامُ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي تَرْتِيبِ الْأَصْنَافِ. قَالَ الْمُنَزِّلُونَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْوَارِثِ الَّذِي يُدْلِي بِهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْوَرَثَةِ لَوْ قُدِّرَ اجْتِمَاعُهُمْ، فَإِنْ كَانُوا يَرِثُونَ، يَرِثُ الْمُدْلُونَ بِهِمْ، وَإِنْ حَجَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، جَرَى الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَقَالَ أَهْلُ الْقَرَابَةِ: ذَوُو الْأَرْحَامِ وَإِنْ كَثُرُوا يَرْجِعُونَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: الْمُنْتَمُونَ إِلَى الْمَيِّتِ، وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ، وَالْمُنْتَمِي إِلَيْهِمُ الْمَيِّتُ، وَهُمُ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ السَّاقِطُونَ، وَالْمُنْتَمُونَ إِلَى أَبَوَيِ الْمَيِّتِ، [وَهُمْ] أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ، وَالْمُنْتَمُونَ إِلَى أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ، وَهُمُ الْعُمُومَةُ وَالْخُئُولَةُ. وَمَذْهَبُهُمُ: الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثُ، فَمَا دَامَ يُوجَدُ أَحَدٌ مِنْ فُرُوعِ الْمَيِّتِ وَإِنْ سَفَلَ، فَلَا شَيْءَ لِأُصُولِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِنْ قَرُبُوا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَةٌ بِتَقْدِيمِ النَّوْعِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. وَقَدَّمَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ النَّوْعَ الثَّالِثَ عَلَى الثَّانِي، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مِنَ الْعُمُومَةِ وَالْخُئُولَةِ وَأَوْلَادِهِمْ وَمِنْ وَلَدِ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَقْرَبَ إِلَى الْمَيِّتِ، فَهُوَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ وَإِنْ بَعُدَ مِمَّنْ هُوَ مِنْ وَلَدِ جِدٍّ أَوْ جِدَّةٍ أَبْعَدَ مِنْهُ. وَإِذَا اجْتَمَعَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ الْخَالَاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْعَمَّاتِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تُقَدَّمُ الْجُدُودَةُ. وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ: إِنْ كَانَتِ الْعُمُومَةُ أَوِ الْخُئُولَةُ مِنْ وَلَدِ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ، تَسَاوَى الْجَدُّ وَالْجَدَّةُ الْمَوْجُودَيْنِ، أَوْ أَبْعَدَ، فَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ أَوْلَى. وَإِنْ كَانَا مِنْ أَصْلٍ أَقْرَبَ مِنْهُمَا، فَهُمْ أَوْلَى. وَعَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَقْدِيمُ الْخَالِ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَفِي الْبَاقِينَ مَذْهَبُهُ مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ فِي كُلِّ فَصْلٍ.

الصفحة 57