كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة

لكن ذاك يكون إذا لم يكن هناك ما يعودُ الضمير إليه إلا ما دلَّ عليه الفعل من الاسم لعدمِ اللبس، وأما إذا كان الاسمُ هو القريب إلى الضمير فهذا يترجَّحُ عودُه إليه دون الاسم الأبعد، فكيف إذا كان الأبعد فعلاً؟
وأيضًا فالقرآن حيث أُمِرَ فيه بذكر اسمِ الله على ما ذُكِّي فإنما هو حين التذكية، كسائر الآيات، وإنما ذمَّ مَن تركَ ذِكْرَ اسمِه عليها حينئذٍ، كما قال: (وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا) (1)، فالذي ذَمَّ به المشركين على تركِه أمرَ المؤمنين بفعلِه. وهذه الدلالة من حديث عدي هي دلالة القرآن، لكن حديث عديّ قرَّرها وطابَقها.
الثاني: أنه قال في بعض طُرقه: "إذا أرسلتَ كلبَك فاذكر اسم الله عليه "، فأمرَ بذلك، وأمرُه للوجوب.
الثالث: أنه قال أيضًا: "إذا رَميتَ بقوسك فاذكر اسمَ الله ".
الرابع: أنه قال: "إن أدركتَه ولم يُقتَل فاذبَحْه واذكُر اسمَ الله ".
الخامس: أنه قال: "إذا أرسلتَ كلبك المعلَّم وذكرتَ اسم الله فكُلْ ما أمسك عليك ". فشَرَطَ في الأكل أن يذكر اسمَ الله، كما اشترطَ أن يكون الكلبُ معلَّمًا، وأن يُمسِكَ عليه. وهذه الشروط الثلاثة المذكورة في القرآن.
السادس: أنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أُرسِل كلبي وأسمِّي،
__________
(1) سورة الأنعام: 138.

الصفحة 382