كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة
والإرادة، فإن الفاعل الذي يَقصِدُ غايةً تكون اللام في فعله للتعليل والإرادة، إذ هي العلة الغائية، والذي لا يقصدها تكون اللام في فعله لام العاقبة.
فيقال لهم: لام العاقبة إما أن تكون من جاهل بالعاقبة، كقوله: (فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا) (1)، أو من عاجز عن دفع العاقبة السيئة، كقولهم (2):
لِدُوا للمَوتِ وابْنُوا للخَرابِ
وقولهم (3):
وللموتِ مَا تَلِدُ الوالِدَهْ
فأما العالم القادر فعلمه بالعاقبة وقدرتُه على وجودِها ودفعِها، يبتغي أن لا يكون مريداً لها.
فافترق القدرية فرقتين:
منهم من اختار أنه لم يكن عالمًا بما يؤولُ إليه الأمرُ من الطاعة والمعصية.
__________
(1) سورة القصص: 8.
(2) هذا صدر بيت عجزه: فكلكم يصير إلى ذهابِ. واختلف في نسبته، فهو لأبي نواس في ديوانه (ص 250)، ولأبي العتاهية في الأغاني (3/ 155) وديوانه (ص 23 - 24)، وبلا نسبة في الحيوان (3/ 51).
(3) وقع هذا الشطر في شعر عدد من الشعراء، انظر "شرح أبيات مغني اللبيب" (4/ 296، 297).