كتاب التيسير في أحاديث التفسير (اسم الجزء: 6)

كريم "، ولينفق المؤمن في سبيل الله عن سخاء وطواعية، ولا يبخل بما استخلفه الله فيه يكفيه أن يتذكر وعد الله له على ما أنفقه " بالأجر الكبير والكريم " الكبير مرة، والكريم مرتين، وأجر يصفه الغني الكريم نفسه " بالكبر والكرم " أجل من أن يوصف، وأكبر من أن يقدر، فما عليك أيها المؤمن إلا أن تنفق في سبيل الله، وأن تقول كما قال رسول الله: " أنفق بلالا، ولا تخش من ذي العرش إقلالا "، {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} (الروم: 60)، ولا تكن ممن يبخلون أو يدعون الناس إلى البخل، فقد ذمهم الحق سبحانه وأعلن سخطه عليهم، وأنه غني عنهم وعن عطائهم، فقال تعالى في نفس هذا الربع: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}.

وبين كتاب الله أن في إمكان المؤمن في أي عصر وفي أي جيل أن يبلغ درجات الإيمان التي بلغها السابقون الأولون، وهي درجة " الصديقية " متى آمن بالله ورسوله إيمانا قويا يهيمن على حياته، ويقوده في جميع خطواته، بحيث تصبح حركاته وسكناته انعكاسا حقيقيا لعقيدته، ومرآة صادقة لدخيلة نفسه، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ}.

وبعد ما بينت الآيات الكريمة فيما سبق فضل الإنفاق في سبيل الله ونوهت ببذل المال في وجوه الخير النافعة للإسلام والمسلمين، انتقلت إلى بيان ما في التضحية بالنفس، وبذل

الصفحة 171