كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 6)

§نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ وَمِنْهُمُ الْمُرَغِّبُ فِي الْمَحَاسِنِ وَالْمَعَالِي نَوْفُ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ الْبِكَالِيُّ، كَانَ لِلْكُتُبِ قَارِيًا. وَإِلَى الْمَحَامِدِ دَاعِيًا وَعَنِ الْمَحَاذِرِ نَاهِيًا. وَقِيلَ إِنَّ التَّصَوُّفَ الدُّعَاءُ إِلَى الِارْتِفَاعِ وَالْإِيمَاءُ إِلَى الِارْتِدَاعِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، ثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَابِلُتِّيُّ، ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ، قَالَ: كَانَ عَمْرٌو الْبِكَالِيُّ إِذَا افْتَتَحَ مَوْعِظَةً قَالَ: أَلَا تَحْمَدُونَ رَبَّكُمُ الَّذِي حَضَرَ غَيْبَتَكُمْ وَأَخَذَ سَهْمَكُمْ وَجَعَلَ وِفَادَةَ الْقَوْمِ لَكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفَدَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ اللهُ لَهُمْ: " §إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَكُمُ الْأَرْضَ مَسْجِدًا حَيْثُ مَا صَلَّيْتُمْ مِنْهَا تُقُبِّلَتْ صَلَاتُكُمْ إِلَّا فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى فِيهِنَّ لَمْ أَقْبَلْ صَلَاتَهُ: الْمَقْبَرَةُ وَالْحَمَّامُ وَالْمِرْحَاضُ " قَالُوا: لَا إِلَّا فِي كَنِيسَةٍ قَالَ: وَجَعَلْتُ لَكُمُ التُّرَابَ طَهُورًا إِذَا لَمْ تَجِدُوا الْمَاءَ قَالُوا: لَا إِلَّا بِالْمَاءِ " قَالَ: وَجَعَلْتُ لَكُمْ حَيْثُ مَا صَلَّى الرَّجُلُ وَكَانَ وَحْدَهُ تُقُبِّلَتْ صَلَاتُهُ قَالُوا: لَا إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ، قَالَ: انْطَلَقَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِوِفَادَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَنَاجَاهُ رَبُّهُ فَقَالَ: §إِنِّي أَبْسُطُ لَكُمُ الْأَرْضَ طَهُورًا وَمَسْجِدًا تُصَلُّونَ حَيْثُ أَدْرَكَتْكُمُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَمَامٍ أَوْ مِرْحَاضٍ أَوْ عِنْدَ قَبْرٍ، وَأَجْعَلُ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنِّي أُنْزِلُ عَلَيْكُمُ التَّوْرَاةَ تَقْرَءُونَهَا عَلَى ظَهْرِ أَلْسِنَتِكُمْ رِجَالُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ، قَالُوا: لَا نُصَلِّي إِلَّا فِي كَنِيسَةٍ وَلَا نَجْعَلُ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِنَا نَجْعَلُ لَهَا تَابُوتًا تُحْمَلُ فِيهِ وَلَا نَقْرَأُ كِتَابِنَا إِلَّا نَظَرًا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ -[49]- الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 157] إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ اجْعَلْنِي نَبِيَّهُمْ، قَالَ: إِنَّ نَبِيَّهُمْ مِنْهُمْ، قَالَ: يَا رَبِّ أَخِّرْنِي حَتَّى تَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تُدْرِكَهُمْ، قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ جِئْتُ بِوِفَادَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَانَتِ الْوِفَادَةُ لِغَيْرِهِمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 159] فَكَانَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ يَقُولُ: احْمَدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي شَهِدَ غَيْبَتَكُمْ وَأَخَذَ بِسَهْمِكُمْ وَجَعَلَ وِفَادَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَكُمْ رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ مِثْلَهُ

الصفحة 48