كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 6)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا الْحَارِثُ، ثنا دَاوُدُ، ثنا الْحَكَمُ، عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: §فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ مَدِينَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ تَكِلُّ عَنْهَا الْأَبْصَارُ، وَلَمْ يَرَهَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَعَدَّهَا اللهُ لِأُولِي الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالْمُجَاهِدِينَ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ النَّاسِ عَقْلًا وَحِلْمًا وَأَنَاةً وَلُبًّا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ السَّنَدِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلَّوَيْهِ الْقَطَّانُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا ابْنُ سَمْعَانَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّ لُقْمَانَ، قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ §كُنْ أَخْرَسَ عَاقِلًا، وَلَا تَكُنْ نَطُوقًا جَاهِلًا، وَلَأَنْ يَسِيلَ لُعَابُكَ عَلَى صَدْرِكَ وَأَنْتَ كَافٌّ اللِّسَانَ عَمَّا لَا يَعْنِيكَ أَجْمَلُ بِكَ وَأَحْسَنُ مِنْ أَنْ تَجْلِسَ إِلَى قَوْمٍ فَتَنْطِقَ بِمَا لَا يَعْنِيكَ، وَلِكُلِّ عَمَلٍ دَلِيلٌ وَدَلِيلُ الْعَقْلِ التَّفَكُّرُ، وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ مَطِيَّةٌ وَمَطِيَّةُ الْعَقْلِ التَّوَاضُعُ وَكَفَى بِكَ جَهْلًا أَنْ تَنْهَى عَمَّا تَرْكَبَ، وَكَفَى بِكَ عَقْلًا أَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ شَرِّكَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا الْحَسَنُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا ابْنُ سَمْعَانَ، أَنْبَأَنَا شَيْخٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، أَنَّ كَعْبًا، قَالَ لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَسْلَمَ فِي وِلَايَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} الْآيَةَ، فَأَسْلَمَ كَعْبٌ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَاسْتَأْذَنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْغَزْوِ إِلَى الرُّومِ، فَأَذِنَ لَهُ فَانْتَهَى إِلَى رَاهِبٍ قَدْ حَبَسَ نَفْسَهُ فِي صَوْمَعَةٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَنَادَاهُ كَعْبٌ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ. قَالَ: أَنا كَعْبٌ الْحَبْرُ، قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ بِكَ فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: §جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ حَالِكَ، نَشَدْتُكَ بِاللهِ هَلْ حَبَسْتَ نَفْسَكَ فِي هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ إِلَّا لِآيَةٍ تَجِدُهَا فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ أَصْحَابَ رُءُوسِ الصَّوَامِعِ الْبِيضِ هُمْ خِيَارُ عِبَادِ اللهِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَنَشَدْتُكَ بِاللهِ هَلْ تَجِدُ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَتْلُوهَا أَنَّهُمُ الشُّعْثُ الْغُبْرُ الَّذِينَ أَوْلَادَهُمْ يَتَامَى لِغَيْبَةِ آبَائِهِمْ -[7]- وَلَيْسُوا يَتَامَى، وَنِسَاؤُهُمْ أَيَامَى لِغَيْبَةِ أَزْوَاجِهِمْ وَلَسْنَ بِأَيَامَى، أَزْوِدَتُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ تَحْمِلُهُمْ أَرْضٌ وَتَضَعُهُمْ أُخْرَى يجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ هُمْ خِيَارُ عِبَادِ اللهِ؟ قَالَ: اللهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ تِلْكَ الصَّوَامِعُ إِنَّمَا هِيَ فَسَاطِيطُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَغْزُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصَّوْمَعَةُ الَّتِي حَبَسْتَ فِيهَا نَفْسَكَ فَنَزَلَ إِلَيْهِ الرَّاهِبُ فَأَسْلَمَ وَشَهِدَ مَعَهُ شَهَادَةَ الْحَقِّ وَغَزَا مَعَهُ الرُّومَ وَانْصَرَفَ إِلَى عُمَرَ فَأُعْجِبَ عُمَرُ بِإِسْلَامِهِمَا فَكَانَتِ الرَّهْبَانِيَّةُ بِدْعَةً مِنْهُمْ

الصفحة 6