كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 6)

سرَقَت فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن يجترئ (¬1) عليه إِلا أُسامة حبُّ (¬2) رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فكلّم رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أتشفعُ في حدٍّ من حدود الله؟
ثمّ قام فخطب فقال: يا أيها النّاس إِنما ضلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إِذا سرق الشريف تركوه، وإِذا سرق الضعيف، [وفي رواية (¬3): الوضيع (¬4)] فيهم أقاموا عليه الحدَّ، وأيم (¬5) الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعَ محمّد يدها" (¬6).
وقد وجّهنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى العفو وعدم رفْع الحدود إِلى الأئمّة.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "تعافوا (¬7)
¬__________
(¬1) من يجترئ: مِن الجُرأة، وهي الإقدام بإدلال. "الفتح" أيضاً.
(¬2) الحِبّ: المحبوب.
(¬3) انظر "صحيح البخاري" (6787).
(¬4) مِن الوضع، وهو النقص. "فتح".
(¬5) أيم الله من ألفاظ القسم، كقولك لعمر الله وعهد الله، وفيها لغات كثيرة، وتُفتَح همزتها وتُكسر، وهمزتها وصْل، وقد تُقْطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يَمين، وغيرهم يقول: هي اسمٌ موضوعٌ للقسم. "النهاية".
(¬6) أخرجه البخاري؛ 6788، ومسلم: 1688.
(¬7) جاء في "عون المعبود" (12/ 26): "تعافوا: أمر من التعافي، والخطاب لغير الأئمّة. الحدود: أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليّ فإنيّ متى علمتها أقمتها". قاله السيوطي. "فما بلغني مِن حدٍّ فقد وجب" أي: فقد وجب عليّ إقامته. وفيه أن الإِمام لا يجوز له العفو عن حدود الله إذا رُفِع الأمر إِليه".

الصفحة 11