كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 6)

ومع هذا فالصبر والعفو أفضل، قال الله تعالى {ولمَن صَبَرَ وغَفَر إِنّ ذلك لمِنْ عَزْمِ الأمُورِ} (¬1) ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما زاد الله عبداً بعفو إِلا عزّاً" (¬2).
واعلم أن سِباب المسلم بغير حقّ حرام كما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سِباب المسلم فسوق".
ولا يجوز للمسبوب أن ينتصر إلاَّ بمِثل ما سبّه، ما لم يكن كَذباً أو قذفاً أو سباً لأسلافه، فمِن صور المباح أن ينتصر بيا (¬3) ظالم، أو جافي، أو نحوه، ذلك لأنّه لا يكاد أحد ينفكّ من هذه الأوصاف.
قالوا: وإِذا انتصَر المسبوب استوفى ظلامته وبرئ الأول من حقّه، وبقي عليه إِثم الابتداء أو الإِثم المستحقّ لله تعالى ... ".
جاء في "إِكمال الإِكمال" (8/ 544): "ما لم يتعدّ: أي يتجاوز، فلأنّه إِنّما أُبيح له أن يَرُدّ مِثل ما قيل له؛ لقوله تعالى: {وإِنْ عاقبتُم فعاقبِوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتُم لهو خيرٌ للصابرين} (¬4) وقوله تعالى: {وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثلها} (¬5).
والعداء في الردّ بالتكرار مِثل أن يقول البادئ: يا كلب فيردّ عليه مرّتين،
¬__________
(¬1) الشورى: 43.
(¬2) أخرجه مسلم (2588).
(¬3) أي أن يقول: يا ظالم ...
(¬4) النحل: 126.
(¬5) الشورى: 40.

الصفحة 201