كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 6)
تركتموها قائمةً على أُصولها فبإذن الله وليُخزِيَ الفاسقين} (¬1).
عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "حرَّق نخْل بني النّضير وقطَع، وهي البويرة (¬2)، فأنزَل الله -تعالى-: {ما قَطعتُم من لينةٍ أو تركتموها قائمةً على أُصولها فبإذن الله وليُخزِيَ الفاسقين} " (¬3).
قال أبو عيسى: وقد ذهب قوم من أهل العلم، إِلى هذا، ولم يروا بأساً بقطع الأشجار وتخريب الحصون.
وكَرِه بعضُهم ذلك، وهو قول الأوزاعي. قال الأوزاعي: ونهى أبو بكر الصديق، أن يقطع شجراً مُثمراً، أو يُخرّب عامراً، وعَمِل بذلك المسلمون بعده.
وقال الشافعي: لا بأس بالتحريق في أرض العدو، وقطع الأشجار والثمار. وقال أحمد: وقد تكون في مواضع لا يجدون منه بُدّاً، فأمّا بالعَبَث فلا تُحرَق، وقال إِسحاق: التحريقُ سُنّة إِذا كان أنكى فيهم.
قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (5/ 9) قوله (¬4): (باب قطْع الشجر والنخل) أي: للحاجة والمصلحة إِذا تعيّنت طريقاً في نكاية العدو ونحو ذلك.
وخالف في ذلك بعض أهل العلم، فقالوا: لا يجوز قطع الشجر المثمر أصلاً
¬__________
(¬1) الحشر: 5.
(¬2) البُوَيْرة: موضع نخل بني النضير "شرح النووي".
(¬3) أخرجه البخاري (4884) وفي مواضع عديدة، ومسلم (1746).
(¬4) أي: الإمام البخاري -رحمه الله-.