كتاب الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (اسم الجزء: 6)

التعزير بالتغريم:
لقد تقدم قضاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمضاعفة الغُرم والعقوبة على مَن سَرَق ما لا قطْع فيه؛ كما في سارق الثمار المعلّقة، وكذا سارق الشّاة من المرتع.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنه سُئل عن الثمر المعلق، فقال: "من أصاب بفيه (¬1) من ذي حاجة غير مُتّخذٍ خُبْنَةً (¬2)، فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مِثلَيْه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجَرين (¬3)، فبلغ ثمن المجنّ (¬4)؛ فعليه القطع" (¬5).
وفي رواية من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رجلاً من مُزَيْنة أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله! كيف ترى حريسة (¬6) الجبل،
¬__________
(¬1) فيه دليل على أنّه إِذا أخَذَ المحتاج بُغيته لسدّ فاقته؛ فإِنه مباح "عون" (5/ 91).
(¬2) الخُبنة: مِعطف الإِزار وطرف الثوب: أي لا يأخذ منه في ثوبه، وتقدّم.
(¬3) الجَرين: موضع تجفيف التّمر، وهو له كالبيدر للحِنطة "النهاية".
(¬4) المجنّ: هو التُرس؛ لأنه يواري حامله: أي يستره والميم زائدة "النهاية" أيضاً.
(¬5) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (1504)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (4593) وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (2104)، وانظر "الإِرواء" (2413) وتقدّم.
(¬6) الحريسة: فعيلة بمعنى مفعولة: أي أنّ لها مِن يحرسها ويحفظها، ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها ... "النهاية"، والمراد: ليس فيما يُسرق من الجبل قطع لأنه ليس بحرز.

الصفحة 314