كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

وَإِنَّ لَكَ يا سامري مَوْعِداً لعذابك لَنْ تُخْلَفَهُ قرأ الحسن وقتادة وأبو نهيك وأبو عمرو بكسر اللام بمعنى لن تغيب عنه بل توافيه، وقرأ الباقون بفتح اللام بمعنى لن يخلفكه الله.
وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ بزعمك وإلى معبودك الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ دمت عليه عاكِفاً مقيما تعبده. يقول العرب: ظلت أفعل كذا بمعنى ظللت، ومست بمعنى مسست، وأحست بمعنى أحسست. قال الشاعر:
خلا أنّ العتاق من المطايا ... أحسن به فهنّ إليه شوس «1»
أي أحسسن.
لَنُحَرِّقَنَّهُ قرأه العامة بضم النون وتشديد الراء بمعنى لنحرقنه بالنار.
وقرأ الحسن بضم النون وتخفيف الراء من الإحراق بالنّار، وتصديقه قول ابن عباس:
فحرّقه بالنار ثمّ ذرّاه في اليمّ.
وقرأ أبو جعفر وابن محيص وأشهب العقيلي لَنَحْرُقَنه بفتح النون وضم الراء خفيفة بمعنى لنبردنّه بالمبارد، يقال: حرقه يحرقه ويحرقه إذا برّده، ومنه قيل للمبرد المحرق، ودليل هذه القراءة قول السدّي: أخذ موسى العجل فذبحه ثمّ حرقه بالمبرد ثمّ ذرّاه في اليمّ، وفي حرف ابن مسعود: لنذبحنه ثمّ لنحرّقنه ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ لنذرّينه فِي الْيَمِّ نَسْفاً يقال نسف الطعام بالمنسف إذا ذرّاه فطيّر عنه قشوره وترابه.

[سورة طه (20) : الآيات 98 الى 114]
إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98) كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (100) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102)
يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (106) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107)
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108) يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112)
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (113) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (114)
__________
(1) لسان العرب: 6/ 49.

الصفحة 259