كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

قال: ضمن الله لمن قرأ القرآن لا يضلّ في الدّنيا ولا يشقى في الآخرة ثمّ قرأ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى.
وبإسناده عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة ووقاه يوم القيامة سوء الحساب، وذلك بأنّ الله يقول فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى.
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي يعني عن القرآن فلم يؤمن به ولم يتّبعه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيقا يقال: منزل ضنك وعيش ضنك، يستوي فيه الذكر والأنثى والواحد والاثنان والجمع، قال عنترة:
وإذا هم نزلوا بضنك فانزل «1»
واختلف المفسّرون في المعيشة الضنك،
فاخبرني أبو عثمان سعيد بن محمد بن محمد الحيري «2» قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد قال: حدّثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدّثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدّثنا حماد بن سلمة عن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: في قوله سبحانه وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال:
«عذاب القبر» .
وقال ابن عباس: الشقاء، مجاهد: الضيق، الحسن وابن زيد: الزقوم والغسلين والضريع، قتادة: يعني في النار، عكرمة: الحرام، قيس بن أبي حازم: الرزق في المعصية، الضحاك:
الكسب الخبيث، عطيّة عن ابن عباس يقول: كلّ مال أعطيته عبدا من عبادي قلّ أو كثر لا يتّقيني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة، وإنّ قوما ضلّالا أعرضوا عن الحق وكانوا أولي سعة من الدنيا مكثرين فكانت معيشتهم ضنكا، وذلك أنّهم كانوا يرون أنّ الله ليس بمخلف لهم معائشهم من سوء ظنّهم بالله والتكذيب به، فإذا كان العبد يكذب بالله ويسيء الظنّ به اشتدت عليه معيشته فذلك الضنك أبو سعيد الخدري: يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويسلّط عليه في قبره تسعة وتسعون تنّينا، لكلّ تنّين سبعة رؤوس تنهشه وتخدش لحمه حتى يبعث، ولو أنّ تنّينا منها ينفخ في الأرض لم تنبت زرعا. مقاتل: معيشة سوء لأنّها في معاصي الله. سعيد بن جبير: سلبه القناعة حتى لا يشبع.
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قال ابن عباس: أعمى البصر، مجاهد: أعمى عن الحجّة.
__________
(1) مطلعه:
فأعنهم وأبشر بما بشروا به
. راجع تفسير الطبري: 3/ 341 ولسان العرب: 1/ 712 و 4/ 62.
(2) في نسخة أصفهان: سعيد بن محمد الحبري.

الصفحة 265