كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً بعيني، وقال مجاهد: عالما بحجّتي.
قالَ كَذلِكَ يقول كما أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها فتركتها وأعرضت عنها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى تترك في النار وكذلك أي وكما جزينا من أعرض «1» وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ أشرك وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ ممّا يعذّبهم به في الدنيا والقبر. وَأَبْقى وأدوم وأثبت.
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ يتبيّن لهم كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ ومنازلهم إذا سافروا واتّجروا.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى. وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ نظم الآية، وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ في تأخير العذاب عنهم وَأَجَلٌ مُسَمًّى وهو القيامة لَكانَ لِزاماً لكان العذاب لازما لهم في الدنيا كما لزم القرون الماضية الكافرة.
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ نسختها آية القتال وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وصلّ بأمر ربّك، وقيل:
بثناء ربك قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يعني صلاة الصبح وَقَبْلَ غُرُوبِها يعني صلاة العصر وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ صلاة العشاء الآخر فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ صلاة الظهر والمغرب، وإنّما قال:
أطراف لهاتين الصلاتين لأنّ صلاة الظهر في آخر الطرف الأول من النهار، وفي أول الطرف الآخر من النهار فهي في طرفين منه والطرف الثالث غروب الشمس، وعند ذلك يصلّي المغرب، فلذلك قال: أَطْرافَ «2» ، ونصب «3» عطفا على قوله: قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
لَعَلَّكَ تَرْضى بالشفاعة والثواب، قرأه العامة: بفتح التاء، ودليله قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وقرأ الكسائي وعاصم برواية أبي بكر بضم التاء.
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية.
قال أبو رافع: أرسلني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى يهودي يستسلفه فأبى أن يعطيه إلّا برهن، فحزن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله سبحانه وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ولا تنظر إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أي أعطيناهم أصنافا من نعيم الدنيا زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي زينتها وبهجتها
، قرأه العامة بجزم الهاء، وقرأ يعقوب بفتحها وهما لغتان مثل: جهرة وجهرة، وإنّما نصبها على القطع والخروج من الهاء في قوله: مَتَّعْنا بِهِ.
__________
(1) في نسخة أصفهان: زيادة: عن القرآن.
(2) في نسخة أصفهان: زيادة: النهار.
(3) في نسخة أصفهان: زيادة: أطراف.

الصفحة 266