كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 6)

قال السدّي: فأخذت الملائكة بضبعي إبراهيم فأقعدوه على الأرض، فإذا عين ماء عذب وورد أحمر ونرجس.
قال كعب: ما أحرقت النار من إبراهيم إلّا وثاقه، قالوا: وكان إبراهيم في ذلك الموضع سبعة أيام.
قال المنهال بن عمر: قال إبراهيم خليل الله: ما كنت أيّاما قطّ أنعم منّي من الأيّام التي كنت فيها في النار.
قال ابن يسار: وبعث الله جلّ اسمه ملك الظلّ في صورة إبراهيم فقعد فيها إلى جنب إبراهيم وهو يؤنسه، قالوا: وبعث الله بقميص من حرير الجنّة وأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال:
يا إبراهيم إنّ ربّك يقول: أما علمت أنّ النار لا تضرّ أحبّائي، ثمّ نظر نمرود من صرح له وأشرف على إبراهيم وما شكّ في موته، فرأى إبراهيم جالسا في روضة ورأى الملك قاعدا إلى جنبه وما حوله نار تحرق ما جمعوا له من الحطب فناداه نمرود: يا إبراهيم، كبير إلهك الذي بلغت قدرته أن حال بينك وبين ما أرى لم يضرّك، يا إبراهيم هل تستطيع أن تخرج منها؟
قال: نعم، قال: هل تخشى إن أقمت فيها أن تضرّك؟ قال: لا، قال: فقم فاخرج منها، فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها، فلمّا خرج إليه قال له: يا إبراهيم، من الرجل الذي رأيت معك مثل صورتك قاعدا إلى جنبك؟ قال: ذلك ملك الظلّ أرسله إليّ ربّي ليؤنسني فيها، فقال نمرود: يا إبراهيم إنّي مقرّب إلى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته وعزّته فيما صنع بك حين أبيت إلّا عبادته وتوحيده، إنّي ذابح له أربعة آلاف بقرة، فقال له إبراهيم: إذا لا يقبل الله منك ما كنت على دينك هذا حتى تفارقه إلى ديني، فقال: يا إبراهيم لا أستطيع ترك ملكي ولكن سوف أذبحها له، فذبحها له نمرود، ثمّ كف عن إبراهيم ومنعه الله سبحانه منه.
قال أبو هريرة: إنّ أحسن شيء قاله إبراهيم لمّا رفع عنه الطبق وهو في النار يرشح جبينه فقال نمرود عند ذلك: نعم الرب ربك يا إبراهيم قال كعب وقتادة والزهري: ما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار ولا أحرقت النار شيئا يومئذ إلّا وثاق إبراهيم ولم تأت يومئذ دابّة إلّا أطفأت عنه النار إلّا الوزغ، فلذلك أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقتله وسمّاه فويسقا.
قال شعيب الجبائي: ألقي إبراهيم (عليه السلام) في النار وهو ابن ست عشرة سنة، وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين، وولدته سارة وهي بنت تسعين سنة، وكان مذبحه من بيت إيليا على ميلين، ولمّا علمت سارة بما أراد بإسحاق بطنت يومئذ وماتت اليوم الثالث.
قال الله سبحانه وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ. وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً من نمرود وقومه من أرض العراق إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ يعني الشام.

الصفحة 282