كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 6)

قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم جَوْشَنُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلَابِيُّ وَأَهْدَى إِلَيْهِ فَرَسًا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ قَالَ: وَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ بِعْتَنِيهِ بِالْمُخَيَّرَاتِ مِنْ أَدْرَاعِ بَدْرٍ» ثُمَّ قَالَ لَهُ: «يَا ذَا الْجَوْشَنِ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَكُونَ مِنْ أَوَائِلِ هَذَا الْأَمْرِ؟» قَالَ: لَا , قَالَ: «فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ؟» قَالَ: رَأَيْتُ قَوْمَكَ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ وَقَاتَلُوكَ فَأَنْظُرُ فَإِنْ ظَهَرْتَ عَلَيْهِمْ آمَنْتُ بِكَ وَاتَّبَعْتُكَ وَإِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكَ لَمْ أَتَّبِعْكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «يَا ذَا الْجَوْشَنِ §لَعَلَّكَ إِنْ بَقِيَتَ قَرِيبًا أَنْ تَرَى ظُهُورِي عَلَيْهِمْ» قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَبِضَرِيَّةٍ إِذْ قَدِمَ عَلَيْنَا رَاكِبٌ مِنْ قِبَلِ مَكَّةَ فَقُلْنَا: مَا الْخَبَرُ وَرَاءَكَ؟ قَالَ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ: فَكَانَ ذُو الْجَوْشَنِ يَتَوَجَّعُ عَلَى تَرْكِهِ الْإِسْلَامَ حِينَ دَعَاهُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ الضِّبَابِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ بَدْرٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَتَيْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ فَخُذْهُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «§لَا وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُقِيضَكَ بِهِ الْمُخْتَارَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ فَعَلْتُ» فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ لِأَقِيضَكَ الْيَوْمَ فَرَسًا بِدِرْعٍ
وَرَوَى غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ هَذَا الْحَدِيثَ أَتَمَّ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ جَدِّهِ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ الضِّبَابِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لِي يُقَالُ لَهَا الْقَرْحَاءُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ جِئْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ لِتَتَّخِذَهُ قَالَ: «§لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» ثُمَّ قَالَ: «يَا ذَا الْجَوْشَنِ أَلَا تُسْلِمُ فَتَكُونُ مِنْ أَوَّلِ -[48]- هَذَا الْأَمْرِ» قَالَ: لَا , قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْمَكَ قَدْ وَلِعُوا بِكَ قَالَ: «فَكَيْفَ بَلَغَكَ عَنْ مَصَارِعِهِمْ بِبَدْرٍ؟» قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَلَغَنِي قَالَ: فَإِنِّي لَكَ بِهَذَا إِنْ تَغْلِبَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَقَطَنِهَا قَالَ: «لَعَلَّكَ إِنْ عِشْتَ تَرَى ذَلِكَ» ثُمَّ قَالَ: «يَا بِلَالُ خُذْ حَقِيبَةَ الرَّجُلِ فَزَوِّدْهُ مِنَ الْعَجْوَةِ» قَالَ: فَلَمَّا أَدْبَرْتُ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ خَيْرُ فُرْسَانِ بَنِي عَامِرٍ قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي بِأَهْلِي بِالْعَوْدِ إِذْ أَقْبَلَ رَاكِبٌ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ غَلَبَ مُحَمَّدٌ عَلَى الْكَعْبَةِ وَقَطَنِهَا , قَالَ: قُلْتُ هَبِلَتْنِي أُمِّي وَلَوْ أُسْلِمُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ أَسْأَلُهُ الْحِيرَةَ لَأَقْطَعَنِيهَا

الصفحة 47