كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

على كُل حالٍ".
قلت: ويستحب لكل من سمعه أن يقول له: يرحمك الله، أو يرحمكم الله، أو رحمك الله، أو رحمكم الله. ويستحب للعاطس بعد ذلك أن يقول: يهديكم الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأن من سمعه ربما يتوهم أنه من جملة المأمور به ثم قوله (على كل حال) لا يبعد أن يتعلق بقوله يقول فالمعنى أنه علمنا هذا الذكر أي الحمد الله عند العطسة على كل حال من الأحوال ويحتمل وهو الأقرب أنه في محل الحال فيتعلق بمحذوف أي الحمد الله كائناً على كل حال ووقع للطيبي في الكلام على هذا الحديث سوء أدب في التعبير تعقبه فيه في المرقاة والله أعلم.
قوله: (أو يرحمكم الله) ظاهره أنه يقول ذلك وإن كان العاطس واحداً نظير ما تقدم أن العاطس يقول لمن شمته: يهديكم الله ويصلح بالكم بضمير الجمع وكما تقدم نظيره في السلام على الواحد والله أعلم ثم الجملة بألفاظها خبرية مبني إنشائية معنى والإتيان بلفظ المضارع هو الأصل وهو الوارد في الأحاديث وبلفظ الماضي تفاؤلاً بالقبول فكأنه استجيب له وحصل وأخبر عنه بما يخبر به عن الحاصل وذكر المصنف في شرح لمسلم أنه يقول: الحمد الله يرحمك الله وقيل: يقول: يرحمنا الله وإياكم اهـ. وسيأتي في الأصل عن ابن عمر أنه يأتي بذلك جواباً لمن شمته ويزيد في آخره ويغفر الله لنا ولكم. قوله: (ويستحب للعاطس أن يقول الخ) قال ابن بطال: ذهب الكوفيون إلى أنه يقول: يغفر الله لنا ولكم فقد أخرجه البخاري في الأدب المفرد والطبراني من حديث ابن مسعود زاد في الحرز وأخرجه النسائي والحاكم عن ابن مسعود وهما كذلك من حديث علي رضي الله عنه وتقدم ذكر لفظه وجاء عند أبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان من حديث سالم بن عبيد لكن بلفظ الإفراد في قوله لي: وذهب الجمهور إلى أنه يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم كما هو عند البخاري وأبي داود والنسائي والترمذي والحاكم في المستدرك وقال ابن بطال: ذهب مالك والشافعي إلى أنه يتخير بين اللفظين قال المصنف: في شرح مسلم وهذا هو الصواب فقد صحت الأحاديث بهما والله أعلم وقال ابن رشد يغفر الله لنا أولى لاحتياج المكلف إلى طلب الغفران لأنه إن هدى فيما يستقبل ولم يغفر له فيما تقدم من ذنبه بقيت التباعة

الصفحة 14