كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

ويصلح بالكم، أو يغفر الله لنا ولكم.
وروينا في "موطأ مالك" عنه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: إذا عطس أحدكم فقيل له: يرحمك الله، يقول: يرحمنا الله وإياكم، ويغفر الله لنا ولكم. وكل هذا سُنَّة ليس فيه شيء واجب، قال أصحابنا: والتشميت وهو قوله: يرحمك الله، سُنَّة على
الكفاية، لو قاله بعض الحاضرين أجزأ عنهم، ولكن الأفضل أن يقولَه كل واحد منهم لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي قدَّمناه:
"كانَ حَقَّاً على كُل مُسْلِم سَمِعَهُ أنْ يَقُولُ لهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ" وهذا الذي ذكرناه من استحباب التشميت هو مذهبنا. واختلف أصحاب مالك في وجوبه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليه فيها قال وإن جمع فيما إذا كان المشمت مسلماً أحسن واختاره ابن أبي جمرة فقال يجمع بين اللفظين فيكون أجمع للخير ويخرج من الخلاف ورجحه ابن دقيق العيد نقله العلقمي في شرح الجامع الصغير. قوله: (يغفر الله لنا ولكم) وجه استحباب تقديم الداعي نفسه إذا دعا وفيه أنه يأتي بضمير الجمع وإن كان المخاطب واحداً وتقدم حكمة تخصيص المخاطب بالدعاء في قوله: يهديكم الله ويصلح بالكم في كلام الكرماني وغيره. قوله: (والتشميت وهو قوله يرحمك الله سنة على الكفاية الخ) ووقع لابن الجزري في مفتاح الحصن أن تشميت العاطس سنة عين كالتسمية على الأكل وقد اعترضه في الحرز بأنه خالف مذهب إمامه الشافعي في
المسألتين أي بكون التشميت والتسمية على الأكل سنتي عين فقد صرح النووي في شرح مسلم بأنهما سنتان على الكفاية إذا أتى بهما البعض سقط الطلب عن الباقين وإن كان الأفضل الإتيان بهما من الآكلين والحاضرين والله أعلم ولعله أراد بيان ما هو الأفضل وإن كان في كلامه بعد عن ذلك المحمل. قوله: (واختلف أصحاب مالك في وجوبه الخ) قال ابن القيم في حواشي السنن مقوياً لمن قال بالوجوب أنه جاء بلفظ الوجوب الصريح وبلفظ الحق الدال عليه وبلفظ على الظاهر فيه وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه وبقول الصحابي: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

الصفحة 15