كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1]، وقال تعالى: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11].
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن حذيفة رضي الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي لا يتكلم أحد منكم في حق أخيه في غيبته بما هو فيه مما يكرهه وألحق به التكلم بذلك في حضرته للإيذاء بل هو أبلغ في الأذية. قوله: (ويل لكل همزة لمزة) قال مجاهد: الهمزة الطعان في النّاس واللمزة الذي يأكل لحوم النّاس وروى البيهقي عن الليث اللمزة الذي يعيبك في وجهك والهمزة الذي يعيبك بالغيب اهـ، وروى عن ابن جرير الهمز بالعين والشدق واليد واللمز باللسان وقيل اللمز بالقول وغيره والهمز بالقول فقط وقيل اللمزة النمام وتقدم في باب ما يقول إذا غضب إن همزة ولمزة لمن يكثر منه الهمز واللمز وسبق في ذلك الباب الفرق بين فعلة مضموم الفاء مفتوح العين وفعلة مضموم الفاء ساكن العين وفي مفردات الراغب ويل قبوح وقد يستعمل على التحسر ومن قال: ويل واد في جهنم لم يرد أن ويلاً في اللغة موضوع لذلك إنما أراد من قال الله فيه ذلك فقد استحق مقراً من النار وثبت ذلك له نحو ويل لكل همزة لمزة اهـ. قوله: (ولا تطع كل حلاف) أي كثير الحلف بالباطل (مهين) فعيل من المهانة وهي القلة في الرأي والتمييز قال الواحدي قال عطاء: يعني الأخنس بن شريق أي فهو عام أريد به خاص
أو المراد هو ومن كان بوصفه المذكور في الآية وقال مقاتل يعني الوليد بن المغيرة عرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- المال ليرجع عن دينه قوله: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} هماز مغتاب طعان للناس مشاء بنميم أي يمشي بالنميمة بين النّاس ليفسد بينهم.
قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) في جامع الأصول أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن حذيفة قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يدخل الجنة قتات" ولمسلم مثله وقال نمام: وعبارة التيسير للديبع بعد إيراده بلفظ لا يدخل الجمعة قتات أخرجه الخمسة إلا النسائي يعني الشيخين وأبا داود والترمذي ولفظ مسلم لا يدخل الجنة نمام انتهت فأفادت إن لفظ نمام لمسلم وإنه عند البخاري بلفظ قتات وهو كذلك عند مسلم أيضاً وإنما عزا المصنف الحديث للبخاري باعتبار إنه عنده بالمعنى وإن اختلف بعض المبنى إذا النمام هو القتات وقيل: النمام الذي يكون مع جمع متحدثون فينم عليهم والقتات

الصفحة 381