كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ".
وروينا في "صحيحيهما" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بقبرين، فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هو الذي يسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم وبالجملة فهما سواء في كون كل منهما نماماً. قوله: (لا يدخل الجنة نمام) قال المصنف: أي لا يدخلها مع الناجين أو يحمل على المستحل من غير تأويل مع العلم أي بالحرمة اهـ.
قوله: (وروينا في صحيحيهما) وكذا رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم وفي رواية أحمد والطبراني واللفظ للطبراني عن أبي بكرة قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يمشي بيني وبين رجل آخر إذا أتى على قبرين فقال: "إن صاحبي هذين القبرين يعذبان فائتياني بجريدة" قال: فاستبقت أنا وصاحبي فأتيته بجريدة فشقها نصفين فوضع في هذا القبر واحدة وفي ذا القبر واحد قال: "لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين إنهما يعذبان بغير كبير الغيبة والبول" وسند الحديث صحيح كما قاله ابن حجر في الزواجر قال: وفي رواية لابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة كان أحدهما لا يستنزه من البول وكان الآخر يؤذي النّاس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة وللحديث طرق كثيرة مشهورة عن جماعة من الصحابة في الصحاح وغيرها وبتأملها يعلم أن القصة متعددة وبه يندفع ما يوهمه ظواهرها من التعارض ثم رأيت الحافظ المنذري أشار لبعض ذلك فقال: أكثر الطرق إنهما يعذبان في البول والنميمة والظاهر إنه اتفق مروره -صلى الله عليه وسلم- مرة بقبرين يعذب أحدهما في النميمة والآخر في البول ومرة بقبرين يعذب أحدهما في الغيبة والآخر في البول اهـ. قوله: (مر بقبرين) قيل: المراد بصاحبي قبرين فعبر بهما عن صاحبهما من تسمية الحال باسم المحل ففيه مجاز مرسل قال الحافظ ابن حجر: لم يعرف اسم المقبورين ولا أحدهما والظاهر إن ذلك كان على عمد من الرواة لقصد الستر عليهما وهو عمل مستحسن وينبغي أن لا يبالغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه ما يذم به قال وقد اختلف فيهما فقيل: كانا كافرين وبه جزم أبو موسى المديني قال: لأنهما لو كانا مسلمين لما كانا لشفاعته إلى
أن ييبس الجريدتان معنى ولكنه لما رآهما يعذبان لم

الصفحة 382