كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

فكان يَمْشِي بالنمِيمَةِ، وأما الآخَرُ، فكان لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلهِ".
قلت: قال العلماءُ: معنى "وما يعذَّبان في كبير"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هو معروفة عند النحاة وزاد الزمخشري إنه حرف توكيد وذكرنا كلام شرح التوضيح فيها سابقاً. قوله: (لا يستتر) بتحتية فمهملة ثم مثناتين فوقيتين أولاهما مفتوحة والأخرى مكسورة من الاستتار وكذا في أكثر الرواية وفي رواية للصحيحين لا يستنزه بنون ساكنة بعدها زاي من التنزه وهو كذلك عند النسائي وفي رواية للبخاري وقال الإسماعيلي إنها أشبه الروايات لا يستبريء موحدة ساكنة وهمزة بعد الراء من الاستبراء وفيه روايات أخر عند غير الصحيحين وقوله: لا يستتر يحتمل أن يحمل على الاستتار عن الأعين وهو الحقيقة فيكون العذاب على كشف العورة ويحتمل أن يحمل على المجاز بأن يراد بالاستتار التنزه عن البول والتوقي منه إما بعدم ملابسته أو بالاحتراز عن مفسدة تتعلق به كانتقاض الطهارة وعبر بالاستتار عن التوقي مجازاً ووجه العلاقة بينهما إن التستر عن الشيء فيه بعد عنه واحتجاب وذلك شبيه بالبعد عن ملابسة البول قال القلقشندي نقلاً عن ابن دقيق العيد: والحمل على المجاز المذكور أقرب لوجهين أحدهما أنه لو حمل على حقيقته للزم إن مجرد كشف العورة يحصل به العذاب وإن لم يكن ثم بول
والحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية وأيضاً فإن لفظة من لما أضيفت إلى البول وهي لابتداء الغاية حقيقة أو ما يرجع إلى ابتداء الغاية مجازاً اقتضت نسبة الاستتار الذي عدمه سبب العذاب إلى البول أن يكون المعنى سبب عذابه من البول ولو حملناه على كشف العورة زال هذا المعنى ثانيهما أن في بعض الروايات لا يتوقى البول وهي رواية وكيع وفي بعضها لا يستنزه فيحمل على تلك لتتفق الروايات ثم قال القلقشندي ويتأبد أيضاً بأن مخرج الحديث واحد وبأن في حديث أبي بكرة عند أحمد وابن ماجه أما أحدهما فيعذب في البول ومثله في الطبراني عن أنس وقد أجيب عما قاله ابن دقيق العيد أولاً بأن تقييده بالبول لأن الأغلب في التكشف إنما هو عنده أو إن الغالب التكشف له قائماً قبل القعود وعن الثاني بأنا وإن سلمنا إن "من" حقيقة فيما ذكر فقد يستعمل المجاز بالقرينة ويترجح على الحقيقة لا سيما وقد اختلفت الروايات اهـ. قوله: (يمشي بالنميمة) أي يصير في النّاس متصفاً بهذه الصفة فالباء

الصفحة 384