كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

أي: في كبير في زعمهما، أو كبير تركه عليهما.
وروينا في "صحيح مسلم" وسنن أبي داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتَدْرُون ما الغِيبَةُ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "ذِكْرُكَ أخاكَ بِمَا يَكْرَهُ"، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقولُ، قال: "إنْ كانَ فيهِ ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإن لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتهُ" قال الترمذي: حديث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حينئذ للمصاحبة وجوز بعضهم أن تكون سببية أي يمشي بسبب ذلك. قوله: (أي في كبير في زعمها) أي ولكنه كبير عند الله.
قوله: (وروينا في صحيح مسلم الخ) وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد من طريقين عن أبي هريرة وقال المنذري في الترغيب قد روى هذا الحديث من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة اكتفينا بهذا عن سائرها اهـ، قال ابن عبد البر: هذا الحديث يخرج في التفسير المسند في قول الله سبحانه: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} فبيّن -صلى الله عليه وسلم- الغيبة وكيف هي وما هي وهو المبين عن الله سبحانه. قوله: (ذكرك أخاك الخ) يشمل ذكره بما يكرهه في غيبته وحضوره وسبق أن الأول لما فيه من مزيد النكاية أتم في الإثم، وفي الخادم للزركشي من المهم ضابط الغيبة هل هي: ذكر المساويء في الغيبة كما يقتضيه اسمها أو لا فرق بين الغيبة والحضور وقد دار السؤال بين جماعة ثم رأيت ابن فورك ذكر في مشكل القرآن في تفسير سورة الحجرات ضابطاً حسناً فقال: الغيبة ذكر العيب بظهر الغيب وكذا قال سليم الرازي في تفسيره الغيبة أن يذكر الإنسان من خلفه بسوء وإن كان فيه اهـ، وفي المحكم لا يكون إلا من ورائه اهـ، وبفرض اختصاص مفهوم الغيبة بذكر العيب في الغيبة فذكره في الحضور حرام بل شديد الحرمة لما فيه من الإيذاء مع مزيد النكاية إذا واجهه بما ذكره والله أعلم، ويشمل ما يكرهه في خلقه أو خلقه أو ينسب إليه مما تقدم في كلام المصنف. قوله: (أفرأيت) أي فأخبرني. قوله: (بهته) هو بتخفيف الهاء المفتوحة من البهت وهو الكذب والافتراء أي كذبت وافتريت عليه وقال المصنف: يقال بهته بفتح الهاء مخففة أي قلت فيه: البهتان وهو الباطل

الصفحة 385