كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

حسن صحيح.
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خُطْبَتِهِ يوم النحر بمنى في حَجة الوداع: "إن دِماءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأعْرَاضَكُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأصل البهت أن يقال له: الباطل في وجهه وهما يعني الغيبة والنميمة حرامان اهـ.
قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم) أي رواه البخاري في التفسير وفي بدء الخلق وفي المغازي وفي غيرها من صحيحه ورواه مسلم في الديات من صحيحه وأخرجه أيضاً النسائي في العلم كذا في الأطراف للمزي ملخصاً. قوله: (في خطبته) أي في ضمن خطبته التي أتى بها يوم النحر وهو يوم عاشر ذي الحجة ومنه ومن أحاديث أخر -بعضاً في الصحيحين كحديث عبد الله بن عمرو وبعضها في السنن كحديث أبي أمامة عند أبي داود وحديث الهرماس بن زياد الباهلي عند أبي داود والنسائي وألفاظهم في المنسك الكبير لابن جماعة- أخذ أصحابنا استحباب خطبة يوم النحر يعلم القوم فيها أحكام المناسك لكن قالوا: يسن فعلها بعد صلاة الظهر وقد استشكل بأن الذي في الأحاديث الصحيحة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب يوم النحر ضحى أجاب عن ذلك المصنف بأن رواية ابن عباس في الصحيح تدل على أنه كان بعد ذلك الزوال إذ فيها أن بعض السائلين قال: رميت بعدما أمسيت والمساء يطلق على ما بعد الزوال أي فقدمت لأنها أصح وأشهر وأجاب السبكي بأنه ورد في طبقات ابن سعد عن عمرو بن يثربي بتحتية مفتوحة فمثلثة ساكنة فراء مكسورة فموحدة فياء النسب أنه حفظ خطبته -صلى الله عليه وسلم- الغد يوم النحر بعد الظهر وهو على ناقته القصوى وكان يحكيها بطولها وكأن بعضهم جمع بين الحديثين حيث قال: خطب -صلى الله عليه وسلم- خطبتين يوم النحر في وقتين قال ابن جماعة بعد أن أورد أحاديث وهو مقتضى هذه الأحاديث اهـ. قوله: (في حجة الوداع) بكسر الواو وفتحها وسبق بيان وجهها في باب استنصات العالم والواعظ. قوله: (إن دماءكم) بدأ بها لأنها آكد الثلاثة وأخطرها ومن ثم كان أكبر الكبائر بعد الشرك القتل على الأصح وقدم الأموال على الأعراض مع أن الأعراض أخطر لأن الابتلاء بالجناية فيها أكثر والأعراض جمع عرض وله معان كثيرة منها النفس وليس مراداً

الصفحة 386