كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

حَرامٌ عَلَيكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا ألا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هنا وإلا كان تكراراً مع دماءكم أو جانب الرجل الذي يصونه من نفسه وحسبه أن ينتقص ويثلب أو (سواء) كان في نفسه أو (سلفه أو) من يلزمه أمره أو موضع المدح والذم منه أو (ما) يفتخر به من حسب وشرف وقد يراد به الآباء والأجداد والخليقة المحمودة اهـ، قال في فتح الإله وكلها مناسبة هنا إذ المراد بتحريم الأعراض تحريم التعرض إلى الإنسان بما يعير أو ينقص به في نفسه أو أحد من أقاربه بل يلحق بذلك كله من له علقة بحيث يؤدي تنقيصه أو تعييره إليه أخذاً من قولهم في حد الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في نفسه وأهله ومماليكه وغيرهم وفي قول الشاعر:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل
وقول أبي ضمضم: اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك فمن شتمني لا أشتمه إلى آخر ما يناسب ما ذكرته وأما قول من قال: إن المراد بالأعراض هنا الأخلاق النفسانية فهو وإن أمكن إرجاعه إلى ما قلناه لكن ما قلناه أوضح ثم رأيت بعضهم أرجعه إليه فقال وحين كان المدح نسبة الشخص إلى الأخلاق الحميدة والذم نسبته إلى الذميمة سواء كانت فيه أو لا، قال: من قال العرض الخلق إطلاقاً لاسم اللازم على الملزوم اهـ، وقول النهاية العرض موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه صحيح موافق لما قلناه إلا أن ما ذكرناه أعم اهـ. قوله: (كحرمة يومكم الخ) كأن وجه
هذا التشبيه مع كون الثلاثة المشبهة أعلى حرمة من الثلاثة المشبه بها هو أحد الوجوه في قوله: كما صليت على إبراهيم وهو تشبيه من لم يشتهر وإن كان أفضل بما اشتهر وإن كان مفضولاً ليحصل له من الشهرة ما يوازي شهرة المشبه به، وقوله كحرمة يومكم هذا أي كحرمة معصيتكم فيه حال اليوم على وجه التجوز، في بلدكم هذا وحرمة المعصية بها عظيمة فقد قال: جمع بمضاعفة السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات بها

الصفحة 387