كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

"المُسْلِمُ أخُو المُسْلِم لا يَخونُهُ وَلا يَكْذِبُهُ وَلا يَخْذُلُهُ، كُلُّ المُسْلِم على المُسلِم حَرَامٌ عِرْضُهُ، ومالُهُ وَدَمُهُ، التَّقْوَى ها هُنا، بِحَسْبِ امْرِئٍ منَ الشَّرِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وزاد بعد قوله التقوى ها هنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات والباقي سواء وسيأتي حديث مسلم في باب تحريم احتقار المسلمين والسخرية منهم. قوله: (المسلم أخو المسلم) أي بشهادة إنما المؤمنون إخوة أي إخوة نسب أو دين أو إخوة الدين أقوى وأعظم ومن ثم ورث الشافعي المؤمنين بعضهم بعضاً عند فقد الوارث ولم يورث بإخوة النسب عند الافتراق في الدين وهذا استعطاف منه -صلى الله عليه وسلم- لكل على الآخر وتليين لقلبه كما يقال: إنه أخوك لا مجرد إخبار بذلك. قوله: (لا يخونه) أي إذا ائتمنه من الخيانة أولاً ينسبه إليها من التخوين. قوله: (ولا يكذبه) بفتح التحتية وكسر المعجمة المخففة أي لا يخبره بأمر على خلاف ما هو عليه لأنه غش وخيانة وهو من حيث هو أشد الأمور ضرراً والصدق من حيث هو أشد نفعاً إلا أن يعرض لهما ما يصير به الكذب نافعاً والصدق ضاراً كأن سأله ظالم عن إنسان يريد قتله فإن صدق ضره وإن كذبه نفعه. قوله: (ولا يخذله) بضم الذال المعجمة أي لا يترك إعانته ونصره من غير عذر فترك نصره وإعانته خذلان سواء كان دنيوياً كأن رأى عدواً يريد أن يبطش به فيتركهما أو دينياً كأن يرى الشيطان مستولياً عليه في أمر يريد أن يستفزه ويهلكه في دينه فلا يخلصه من خبالته بوعظ أو نحوه فكل ذلك حرام. قوله: (كل المسلم الخ) جملة مركبة من مبتدأ وخبر وإضافة كل إلى المعرفة دليل لجوازه وإن منعه البعض. قوله: (عرضه الخ) بدل
مما قبله بدل مفصل من مجمل، وجعله هذه الثلاثة كل المسلم وحقيقته لشدة احتياجه إليها، واقتصاره عليها لأن ما سواها فرع عليها وراجع إليها وقدم العرض اهتماماً به لكثرة الابتلاء بالوقوع فيه ثم المال لكثرة الوقوع في الظلم به أكثر من الدماء. قوله: (التقوى هاهنا) أي في القلب كما جاء التصريح به في مسلم والتقوى اتقاء عذاب الله بفعل أو أمره واجتناب نواهيه ومعنى كون التقوى في القلب أن محل سببها الذي هو خشية الله الحاملة عليها هو القلب لا حقيقتها الذي هو الاتقاء من العذاب. قوله: (بحسب امريء من الشر الخ) حسب بإسكان السين أي كما فيه من خلال الشر ورذائل الأخلاق وهو مبتدأ. وقوله:

الصفحة 392