كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

العطاس سببه محمود، وهو خِفَّة الجسم التي تكون لِقِلة الأخلاط وتخفيف الغذاء، وهو أمر مندوب إليه، لأنه يضعف الشهوة ويسهل الطاعة، والتثاؤب بضد ذلك، والله أعلم.
وروينا في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة أيضاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ الله، وَلْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله، فإذا قالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله،
فَلَيقُلْ: يَهْدِيكُمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قط اهـ. وفي تقدم ذلك مرفوعاً قال ابن الجوزي: إنما ضحك الشيطان من قول المتثائب ها لمعنيين أحدهما أنه رأى ثمرة تحريضه على الشبع فضحك فرحاً بأن أثمرت شجرة غرسه والثاني أن السنة كظم التثاؤب وحبسه ما استطاع فإذا ترك الأدب وقال: ها ضحك منه لقلة أدبه اهـ. قوله: (وروينا في صحيح البخاري الخ) قال في السلاح ورواه أبو داود والنسائي وعند أبي داود فليقل الحمد الله على كل حال قلت وعند الترمذي والحاكم كذلك لكن من حديث أبي داود كما في الحصن. قوله: (إذا عطس أحدكم فليقل الحمد الله الخ) قال الكرماني: اعلم أن الشارع إنما أمر العاطس بالحمد لما حصل له من المنفعة لخروج ما احتقن في دماغه من الأبخرة وقال الأطباء
العطسة تدل على قوة طبيعة الدماغ وصحة مزاجه فهي نعمة وكيف لا وإنها جالبة للخفة المؤدية إلى الطاعات فاستدعى الحمد عليها ولما كان ذلك تغييراً لوضع الشخص وحصول حركات غير مضبوطة بغير اختيار ولهذا قيل إنها زلزلة البدن أريد إزالة ذلك الانفعال عنه بالدعاء له والاشتغال بجوابه ولما دعى له كان مقتضى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أن يكافئه بأكثر منها فلذا أمرنا بالدعوتين الأولى لصلاح الآخرة فهو دعاء له بخير الدارين وسعادة المنزلين اهـ. وقال الشيخ زكريا في تحفة القاري الحمد للعاطس في مقابلة نعمة جليلة هي رفع الأذى من الدماغ إذ العطاس يذهبه اهـ. وفي شرح الأنوار السنية لما أبان العطاس عن صحة ما ناسب أن يقول العاطس: الحمد الله ولما كان ذلك الصلاح برحمة الله ناسب ذلك أن يقال له يرحمك الله ولما كان ذلك

الصفحة 6