كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

اللهُ وَيُصْلِحُ بالَكُمْ" قال العلماء: بالَكم: أي شأنكم.
وروينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بهداية الله ناسب ذلك أن يقول: يهديكم الله ولما كان العطاس صلاحاً ناسب ذلك أن يقول ويصلح بالكم أي يصلح حالك بالسلامة والنعمة كما أصلح حالي بالعطاس اهـ. "قال السيوطي نقلاً عن الحليمي" الحكمة في مشروعية الحمد للعاطس أن العطاس يرفع الأذى عن الدماغ الذي فيه قوة الفكر ومنه منشأ الأعضاء التي هي معدن الحسن وبسلامته تسلم الأعضاء فيظهر بهذا أنه نعمة جليلة فناسب أن يقابل بالحمد لما فيه من الإقرار لله بالخلق والقدرة وإضافة الخلق إليه لا إلى الطبائع قال: وحكمة تشميته بيرحمك الله أن أنواع البلاء والآفات كلها مؤاخذات والمؤاخذة عن ذنب فإذا جعل الذنب مغفوراً وأدركت العبد الرحمة لم تقع المؤاخذة وفيه الإشارة إلى تنبيه العاطس على طلب الرحمة والتوبة من الذنب ومن ثم شرع الجواب بقوله يغفر الله لنا ولكم أي كما جاء عند أبي داود وغيره وقال العاقولي ندب التشميت بيرحمك الله كأنه لإزالة الشماتة بما يكون في الصرع من تكشف عورة ونحو ذلك اهـ. وفي المرقاة شرع الترحم من جانب المشمت لأنه كان قريباً من الرحمة حيث عظم ربه بالحمد على نعمته وعرف قدرها وكان دعاء العاطس لمن شمته تألفاً للقلوب وجبراً لها. قوله: (قال العلماء بالكم أي شأنكم) وفي الحرز وقيل أي قلبكم أو حالكم وفي المفاتيح شرح المصابيح البال القلب تقول فلان ما يخطر ببالي أي بقلبي والبال رخاء العيش يقال: رخى البال والبال الحال تقول: وما بالك أي حالك والبال في الحديث يحتمل المعاني الثلاثة والأولى أن يحمل على المعنى الثالث أنسب لعمومه المعنيين الأولين أيضاً اهـ. وفي المرقاة الأول أولى فإنه إذا صلح القلب صلح الحال اهـ. "ثم لا بد في حصول السنة" من إسماع كل من التشميت وجوابه ويجوز الاكتفاء بأحد هذين أي يهديكم الله ويصلح بالكم، وإفراد الخطاب لكن التعظيم أكمل والجمع بينهما أفضل اهـ. وفي المرقاة بلفظ العموم أي الميم الدالة على عموم المخاطب وأنه جمع خرج مخرج الغالب فإن العاطس قلما يخلو عند عطاسه عن أصحابه أو هو

الصفحة 7