كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 6)

فإن لَمْ يَحْمَدِ اللهَ فَلا تُشَمِّتُوهُ".
وروينا في "صحيحيهما" عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمَرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع، ونهانا عن سبع: أمَرَنا بعيادةِ المريض، واتِّباعِ الجنازة، وتشميتِ العاطس، وإجابةِ
الداعي،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حمد العاطس وفي النهي عن تشميته إذا لم يحمد الله قال الحافظ: هذا منطوق الخبر لكن هل النهي فيه للتحريم أو للتنزيه الجمهور على الثاني اهـ. ويؤخذ من الخبر أن من أتى بلفظ غير الحمد لم يشمت وينبغي له رفع الصوت بالحمد حتى يسمعه من يشمته فلو حمد ولم يسمعه الإنسان لم يشمته قال مالك: لا يشمته الإنسان حتى يسمع حمده قال: فإن رأيت من يليه يشمته فشمته وسيأتي للمسألة مزيد في فصل إذا عطس ولم يحمد العاطس لا يشمت. قوله: (فإن لم يحمد الله لا تشمتوه) هذا نهى عن تشميت من لم يحمد الله بعد عطاسه وأقل الدرجات أن يكون الدعاء له مكروهاً عقوبة له على غفلته عن نعمة الله عليه في العطاس إذا خرج به ما احتقن في الدماغ من البخار قاله القرطبي نقلاً عن بعض شيوخه ثم قال: ولا خلاف يعلم أن من لم يحمد الله لا يشمت وقد ترك -صلى الله عليه وسلم- تشميت من لم يحمد الله ونص على أن ترك الحمد هو المانع منه اهـ.
قوله: (وروينا في صحيحيهما) سبق تخريج الحديث والكلام على بعض فوائده أول كتاب السلام. قوله: (أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبع) الأمر في هذا الخبر للطلب المتأكد الشامل للوجوب والندب فإن بعض الخصال واجب كفاية كرد السلام من الجمع المسلم عليهم أو عيناً كإجابة الدعوة
في وليمة العرس بشرطه وبعضها مندوب كباقي الخصال ودلالة الإقتران غير حجة عندنا فيجوز قرن الواجب بالمندوب ومنه قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. قوله: (بعيادة المريض) بدل مما قبله بدل مفصل من مجمل بتقدير سبق العطف على الإبدال وعيادة المريض سنة كل وقت وقيل إنها فرض كفاية كما سبق ولا تكره في وقت إلا إن شقت على المريض وقول بعض أصحابنا يستحب في الشتاء في الليل وفي الصيف في النهار غريب. قوله: (واتباع الجنائز) أي تشييعها والمكث إلى الفراغ من دفنها. قوله: (وتشميت العاطس) أي إذا حمد الله تعالى قيل والأمر في هذه الثلاث للندب. قوله: (وإجابة الداعي) أي وليمة النكاح بشرطه في اليوم الأول وتسن الإجابة في

الصفحة 9