كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 6)

ويحتمل وجهاً ثالثاً: أن يكون فكّر في العداوة وقدّر في المجاهدة. {فقُتِلَ كيف قَدَّرَ} فيه وجهان: أحدهما: أي عوقب ثم عوقب , فيكون العقاب تكرر عليه مرة بعد أخرى. الثاني: أي لعن ثم لعن كيف قدر أنه ليس بشعر ولا كهانة , وأنه سحر. {ثم نَظَرَ} يعني الوليد بن المغيرة , وفي ما نظر فيه وجهان: أحدهما: أنه نظر في الوحي المنزل من القرآن , قاله مقاتل. الثاني: أنه نظر إلى بني هاشم حين قال في النبي صلى الله عليه وسلم إنه ساحر , ليعلم ما عندهم. ويحتمل ثالثاً: ثم نظر إلى نفسه فيما أُعطِي من المال والولد فطغى وتجبر. {ثم عَبَسَ وبَسَرَ} أما عبس فهو قبض ما بين عينينه , وبَسَرَ فيه وجهان: أحدهما: كلح وجهه , قاله قتادة , ومنه قول بشر بن أبي خازم:
(صبحنا تميماً غداة الجِفار ... بشهباءَ ملمومةٍ باسِرةَ)
الثاني: تغيّر , قاله السدي , ومنه قول توبة:
(وقد رابني منها صدودٌ رأيتُه ... وإعْراضها عن حاجتي وبُسورها.)
واحتمل أن يكون قد عبس وبسر على النبي صلى الله عليه وسلم حين دعاه. واحتمل أن يكون على من آمن به ونصره. وقيل إن ظهور العبوس في الوجه يكون بعد المحاورة , وظهور البسور في الوجه قبل المحاورة. {ثم أَدْبَر واسْتَكْبَرَ} يحتمل وجهين: أحدهما: أدبر عن الحق واستكبر عن الطاعة. الثاني: أدبر عن مقامه واستكبر في مقاله. {فقال إنْ هذا إلا سِحْرٌ يُؤْثَر} قال ابن زيد: إن الوليد بن المغيرة قال: إنْ هذا القرآن إلا سحر يأثره محمد عن غيره فأخذه عمن تقدمه. ويحتمل وجهاً آخر: أن يكون معناه أن النفوس تؤثر لحلاوته فيها كالسحر.

الصفحة 142