كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 6)

قال الحسن: وفي الكلام محذوف وتقديره: فمنكم كافر ومنكم مؤمن ومنكم فاسق، فحذفه لما في الكلام من الدليل عليه. وقال غيره: لا حذف فيه لأن المقصود به ذكر الطرفين. {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون بالقول. الثاني: بإحكام الصنعة وصحة التقدير. وذكر الكلبي ثالثاً: أن معناه خلق السموات والأرض للحق. {وَصَوَّرَكُمْ} فيه وجهان: أحدهما: يعني آدم خلقه بيده كرامة له , قاله مقاتل. الثاني: جميع الخلق لأنهم مخلوقون بأمره وقضائه. {فأحْسَنَ صُوَرَكم} أي فأحكمها.
{ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد} { ... . فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدونَنا} يعني أن الكفار قالوا ذلك استصغاراً للبشر أن يكونوا رسلاً من اللَّه إلى أمثالهم , والبشر والإنسان واحد في المعنى , وإنما يختلفان في اشتقاق الاسم , فالبشر مأخوذ من ظهور البشرة , وفي الإنسان وجهان: أحدهما: مأخوذ من الإنس. والثاني: من النسيان. {فَكَفَروا} يعني بالرسل {وَتَوَلَّوْا} يعني عن البرهان. {واستغنى اللَّه} فيه وجهان: أحدهما: بسلطانه عن طاعة عباده , قاله مقاتل. الثاني: واستغنى اللَّه بما أظهره لهم من البرهان وأوضحه لهم من البيان من زيادة تدعو إلى الرشد وتقود إلى الهداية. {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} في قوله {غَنِيٌّ} وجهان:

الصفحة 21