كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 6)

والثانية يجوز "وش" وَأَبُو يُوسُفَ ; لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تَدْخُلُ الْحَرَمَ فَتَكْثُرُ فِيهِ فَلَمْ يُنْقَلْ شَدُّ أَفْوَاهِهَا, وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَالْإِذْخِرِ, اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ, وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَشَّ الْمُحْرِمُ, وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَرَمِ وَالْحِلِّ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْخِلَافَ إنْ أَدْخَلَ بَهَائِمَهُ لِرَعْيِهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ, كَمَا لَوْ أَدْخَلَ كَلْبَهُ فَأَخَذَ صَيْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ, وَلَوْ أَرْسَلَهُ عَلَيْهِ وَأَغْرَاهُ ضَمِنَهُ, كَذَا الْحَشِيشُ, قَالَ: وَلِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِقَطْعِهِ, كَذَا بِرَعْيِهِ, وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ احْتَشَّهُ لَهَا فَكَرَعْيِهِ.
وَيَضْمَنُ شَجَرَ الحرم وحشيشه, نقله الجماعة "وهـ ش" خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ, لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ, كَالصَّيْدِ ; وَلِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِقَطْعِ شَجَرٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّوَافِ وَفَدَى1 قَالَ الرَّاوِي وَذَكَرَ الْبَقَرَ رَوَاهُ حَنْبَلٌ فِي الْمَنَاسِكِ:
وَيَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَدَنَةٍ, فِي رِوَايَةٍ, وَعَنْهُ: بِبَقَرَةٍ, كَالْمُتَوَسِّطَةِ, وَالْغُصْنَ بِمَا نَقَصَ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ, وَالنَّبَاتَ والورق بقيمته, نص على ذلك "وش" وَقِيلَ: فِي الْغُصْنِ قِيمَتُهُ, وَقِيلَ: نَقْصُ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ. وَجَزَمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ فِي الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ, وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ2, وكالصيد
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا.
"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْجَوَازُ, اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وَصَحَّحَهُ فِي التصحيح "قلت": وهو الصواب
__________
1 لم نقف عليه.
2 ذكر البيهقي في "السنن الكبرى" 5/196, أنه يروي عن ابن الزبير وعطاء.

الصفحة 13