كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 6)

بَاعَهُ لَبَنًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَاشْتَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ جَازَ, وَاحْتَجَّ بِمَا فِي الْمُسْنَدِ1 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ, قَالَ: فَإِذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَقَالَ أَسْلَمْت إلَيْك فِي عَشْرَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرِ هَذَا الْحَائِطِ جَازَ, كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: ابْتَعْت مِنْك عَشَرَةَ أَوْسُقٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَلَكِنَّ التَّمْرَ يَتَأَخَّرُ2 قَبْضُهُ إلَى كَمَالِ صَلَاحِهِ, هَذَا لَفْظُهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْمِسْكُ فِي فَارَتِهِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ, وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ وَاحْتِمَالُ: يَجُوزُ, لِأَنَّهَا وِعَاءٌ لَهُ تَصُونُهُ وَتَحْفَظُهُ, فَيُشْبِهُ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ, وَتُجَّارُ ذَلِكَ يَعْرِفُونَهُ فِيهَا, فَلَا غَرَرَ, واختاره في الهدي3,
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْمَجَرُ قِيلَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ. إذْ الْأَصْحَابُ لَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْكَلَامِ, وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ, وَإِنَّمَا مَرْجِعُهُ إلَى اللُّغَةِ. وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ لَمَّا لَمْ يَرَ أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ, لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ قَوِيٌّ فِي نَفْسِهِ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ اللُّغَةِ اخْتَلَفُوا فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا, وَهُوَ بَعِيدٌ.
"تَنْبِيهٌ" تَزِيدُ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ, قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: الْمَجَرُ بِسُكُونِ الْجِيمِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْقُتَيْبِيُّ: هُوَ بِفَتْحِهَا, وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. فَيَصِيرُ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ, مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
__________
1 برقم "5129", من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
2 هنا بداية السقط في النسخة "ب".
3 5/728.

الصفحة 148