كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 6)

باب الصلح وحكم الجوار
مدخل
...
باب الصلح وحكم الجوار
إذَا أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فَوَهَبَ أَوْ أَسْقَطَ بَعْضَهُ وَطَلَبَ بَاقِيَهُ صَحَّ, لَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ, عَلَى الْأَصَحِّ, لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ, خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ, أَوْ جَعَلَهُ شَرْطًا فِي الْأَصَحِّ, كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ بِدُونِهِ, وَيَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ مَعَ إنْكَارٍ وَلَا بَيِّنَةَ, وَكَذَا مِنْ وَلِيٍّ, وَقِيلَ: لَا. قَطَعَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ, وَيَصِحُّ عَمَّا ادَّعَى عَلَى مُوَلِّيهِ وَبِهِ بَيِّنَةٌ, وَقِيلَ: أَوْ لَا. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا لَمْ يَصِحَّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَفِي الْإِرْشَادِ1 وَالْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا شَيْخُنَا, لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ هُنَا, وَكَدَيْنِ الْكِتَابَةِ, جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ, وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ رِبًا, فَدَلَّ أَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ, وَالْأَشْهَرُ عَكْسُهُ, وَنَقَلَ ابْنُ ثَوَابٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِرِبْحٍ إلَى أَجَلٍ: عَجِّلْ لِي وَأَضَعُ عَنْك, قَالَ: مَنْ أَخَذَ دَرَاهِمَهُ بِعَيْنِهَا فَلَا بَأْسَ, وَكُرِهَ أَكْثَرُ. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ هَذِهِ الصُّورَةِ, فَقَالَ: كَذَا يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَهُ يَضَعُ مِنْهُ مَا شَاءَ2. قُلْت: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: هُوَ رِبًا3.
وَلَوْ وَضَعَ بَعْضَ الْحَالِّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الْإِسْقَاطُ, وَعَنْهُ: لَا, كَالتَّأْجِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ, لِأَنَّهُ وَعْدٌ, وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عن مئة
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
1 ص 266.
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 14362.
3 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 14468, والبخاري في التاريخ الكبير 3/328.

الصفحة 423