كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 6)

خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا" 1 وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا وَبَيَّنَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا حُرِّمَتْ بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ, وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَفِي صَيْدِ الْحَرَمِ الْجَزَاءُ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ, لِمَا سَبَقَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ مِنْهُمْ ; وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ, كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ, وَالْحُرْمَتَانِ تَسَاوَتَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ, وَعَنْ دَاوُد: لَا يَضْمَنُهُ, لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَضْمَنُهُ صَغِيرٌ وَكَافِرٌ, وَلَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فِيهِ. وَلَهُ فِي إجْزَاءِ الْهَدْيِ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَلَنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ, فَدَخَلَهُ الصَّوْمُ, كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ ; وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ عَامَّةٌ, فَضَمِنَهُ الصَّغِيرُ وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِمَا, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلِأَنَّ ضَمَانَهُ كَالْمَالِ, وَهُمَا يَضْمَنَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: هُوَ آكَدُ مِنْ الْمَالِ ; لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ مُؤَبَّدَةٌ فَلَزِمَ الْجَزَاءُ, بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ ; وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ.
وَحُكْمُ صَيْدِهِ حُكْمُ صَيْدِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا, وَنَصَّ عَلَيْهِ, حَتَّى فِي تَمَلُّكِهِ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ جَزَاءَانِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يلزمه
__________
1 لم نجد هذا اللفظ وانظر: الإرواء 4/215
2 البخاري "2129", ومسلم "1360" "454", من حديث عبد الله بن زيد.

الصفحة 6