كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 6)

وَيُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْبَيْتِ وَالْحِجْرُ مِنْهُ بِلَا خُفٍّ وَنَعْلٍ وَسِلَاحٍ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَتَعْظِيمُ دُخُولِهِ فَوْقَ الطَّوَافِ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الْعِلْمِ, قَالَهُ فِي الْفُنُونِ, وَالنَّظَرُ إلَيْهِ عِبَادَةٌ, قَالَهُ أَحْمَدُ. وَفِي الْفُصُولِ: وَرُؤْيَتُهُ لِمَقَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَوَاضِعِ الْأَنْسَاكِ, قَالَ الْأَصْحَابُ: وَوُقُوفُهُ بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ, وَيَلْتَزِمُهُ مُلْصِقًا بِهِ جَمِيعَهُ وَيَدْعُو.
وَالْحَائِضُ تَقِفُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ, وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَأْتِي الْحَطِيمَ وهو تحت الميزاب فيدعو, وذكر شيخنا:. ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ, وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: إذَا قَدِمَ1 مُعْتَمِرًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ يَخْرُجُ, فَإِنْ الْتَفَتَ وَدَّعَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ, وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى النَّدْبِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يُوَلِّي ظَهْرَهُ حَتَّى يَغِيبَ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: ثُمَّ يَأْتِي2 الْأَبْطَحَ الْمُحَصَّبَ فَيُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ والعصر والمغرب والعشاء ويهجع به.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِنْهَا أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمُوَافَقَتِهِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ, فَيَتَقَوَّى الْقَوْلُ الثَّانِي بِقَطْعِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَبِالنَّصِّ عَنْ أَحْمَدَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
لَكِنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ عُسْرٌ, وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ إجْزَاءِ طَوَافِ الْقُدُومِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدِمَ مَكَّةَ لِضِيقِ وَقْتِ الْوُقُوفِ, بَلْ قَصَدَ عَرَفَةَ, فَلَمَّا رَجَعَ وَأَرَادَ الْعَوْدَ طَافَ لِلزِّيَارَةِ ثُمَّ لِلْقُدُومِ, إمَّا نِسْيَانًا أَوْ غَيْرَهُ, فَهَذَا الطَّوَافُ يَكْفِيهِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ, والله أعلم.
__________
1 في الأصل: "دخل".
2 في الأصل: "يجيء".

الصفحة 65